التحررية الجماعية      Communism libertarian

الحرية دون مساواة استغلال  المساواة دون حرية استعباد

**********************************

الصفحة الرئيسية

عشوائيات ومعضلات

ترجمات

متنوعات ومختارات

مقالات الراية العربية

مقالات سؤال الهوية

شريف يونس

الفسائل

مقالات إنهيار عبادة الدولة

العلم والأسطورة منهجان للتغيير الاجتماعى

تقدم علمى و تأخر فكرى

الجات ونهب الجنوب

الناصرية فى الثورة المضادة

مواقع أخرى
ENGLISH

مراسلات

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
كتاب الناصرية فى الثورة المضادة

عادل العمرى

الباب الثالث الساداتية و الناصرية

 

الساداتية والناصرية:

     يعنى سقوط الناصرية بالدرجة الأولى نهاية حكم النخبة البيروقراطية فى مصر، هذا من حيث مضمونه العميق. إلا أن هذه العملية كانت فاتحة انهيار عام وشامل للتيارات القومية فى العالم العربى التى طحنتها الناصرية من قبل و أعادت تفصيلها على مقاسها.

     وقد استطاعت الناصرية أن تلحق هزائما مريرة بالتيارات اليسارية و القومية الراديكالية فى عموم البلدان العربية (الشيوعية – حزب البعث ..) أما الساداتية فقد استطاعت أن تلحق هزيمة أفدح بالناصرية وحلفائها من جماعات الانتلجينسيا اليسارية  ، فاتحة عصر انهيار شامل وسريع للنخبة العربية المثقفة التى كانت – فى مجملها – قد صارت ناصرية إلى هذا الحد أو ذاك . وبينما جاءت الناصرية كنتيجة لعجز كل القوى السياسية المصرية عن "التحقق " ، جاءت الساداتية كمجرد نتاج لعجز الناصرية نفسها.

     ولذلك تشترك الساداتية مع حركة الثورة العربية فى عدد من الجوانب، فهى أولا  راديكالية  ( ولكن فى عدائها لليسار )، وسافرة، كما أنها ثانيا، تعبر  عن قوى اجتماعية واضحة فى الإعلان عن نفسها إلى حد بعيد، كذلك وهذا ثالثا، تعبر الساداتية عن مصالح الفئات الاجتماعية التى تمثلها تعبيرا مباشراً . وفى كل هذه الجوانب تختلف الناصرية عن الساداتية تماماً.

     لقد تقمصت الناصرية أفكار الثورة العربية بعد تحويرها، إلا أن الناصرية حتى كفكر – قد تضمنت الساداتية – بالقوة- . ولاشك أن الناصرية قد مثلت – فى المدى الطويل – مصالح الطبقة المسيطرة، إلا أننا نتكلم الآن عنها كمفهوم، فهى على العموم  تمثل حكم بيروقراطية تلك الطبقة، أى تنتمى إليها فى النهاية. وُيعد هذا أساسا متينا جداً للساداتية التى تلتها، إلا أن الجانب الذى نركز عليه الآن هو أنها تضمنت السادتية داخل فكرها ذاته. فقد حاولت الناصرية نفى مضمون فكر الثورة العربية مع اتخاذ شكله صورة لها، فإذا مددنا هذا الخط على استقامته، أو إذا أعدنا ضبط هذه الحركة لظهرت الساداتية " كثورة تصحيح " داخل البيت الناصرى ذاته، فالساداتية فى جوهرها قد مثلت الحكم المباشر لرجال الأعمال – رجال الدولة ، وفكرتها المميزة هى الإعلان الصريح عن هذه الحقيقة، وما فرض عليها هذا سوى أن حكم رجال الأعمال قد أصبح مباشراً. فالناصرية، من حيث هى نظام سياسى، كانت توسطا بين الطبقة المسيطرة ونظامها الاجتماعى .

     والسادتية لم تظهرصراحةَ  فى 15 مايو 1971، بل منذ بداية انهيار الناصرية، منذ أواسط الستينات، خاصة بعد هزيمة 1967.

     وقد تمثل الإعلان عن الحكم المباشر لرجال الأعمال فى الإنهاء التدريجى للتناقض (الناصرى) بين مضمون وشكل أيديولوجية النظام، وتمثل هذا مباشرة فيما يلى : -

1- هبوط ثم اختفاء الشعارات القوموية المتطرفة وعودة شعار " وحدة الصف العربى" ونمو فكرة الأقليمية المصرية من جديد. تلك الفكرة المعبرة بشكل خالص عن الطبقة المسيطرة فى مصر المعاصرة.

2-  انتشار الفكر الدينى المحافظ و المكتظ بالخرافات واتجاه السلطة بشكل متزايد إلى الاعتماد على الدين ، و اتجهت سلطة السادات فيما بعد إلى تقوية التيارات الإسلامية، ومناهضة العقلانية، وحتى الأفكارالعلمانية  المعتدلة ذات الصبغة الناصرية ، وإعلان قيام دولة العلم والإيمان " بقيادة " الرئيس المؤمن " محمد أنور السادات.

3- خفت بالتدريج حدة الدعاية المعادية للصهيونية والاستعمار،  فتقلصت مساعدات الناصرية لحركات التحرر الوطنى المعتدلة وحتى حركات مناهضة العنصرية فى أفريقيا [1]. وبالتدريج راح عبد الناصر يعمل على "تحييد " أمريكا فى الشرق الأوسط ( خطة حسنين هيكل )، وتبعه السادات فى هذا الأمر. وفى النهاية أصبحت الولايات المتحدة هى " الصديق " الأكبر لمصر الساداتية.

     إذن أعلنت الساداتية عن نفسها باعتبارها الحكم المباشر للمليونيرات من أصناف معينة : تجار المخدرات – سماسرة – تجار السوق السوداء – مضاربين – تجار عملة – كبار الملاك العقاريين  ، و غيرهم ممن أسمتهم الصحافة وقتها ب "القطط السمان"  ، وحددت أفكارها بوضوح، ُملخَّصة فى سياسة " الانفتاح" خارجيا وداخليا [2]،منذ سبتمبر 1971 (قانون الاستثمارات العربية والأجنبية  [3])، وما تبعها من إعلان الحرب المقدسة ضد الفكر اليسارى و العلمانى ، بل ضد العقلانية عموما (بدلا من سياسة الناصرية فى رشوة الانتلجينسيا ذهبت الساداتية العكس، حيث سحقتها وعاملتها باحتقار "محدث النعمة"  ، بدافع سياسى من جهة وتعبيرا عن صعود الفئات الاجتماعية الرثة من جهة أخرى ) هكذا أفسحت الطريق أمام الرجعية المباشرة والمفضوحة . وقد أزيلت كل السواتر المعنوية والمادية أمام نهب رجال الأعمال الطفيليين . إلا أنها لم تفتح الباب تماماً أمام مجموعات معينة من رجال الأعمال، خاصة من القدامى الذين لم يتحولوا فى ظل الناصرية إلى رجال دولة، أو لم يقيموا علاقات حميمة مع رجال الدولة الناصرية، وقد تمثلوا بعد ذلك فى حزب "الوفد" الجديد".

     والتشخيص النهائى لسقوط الناصرية هو تحول الثورة المضادة من حالة مقنَّعة إلى حالتها السافرة. وبهذا تكون الناصرية قد استُنفذت تماما، ولهذا بالذات تعد الساداتية " جوهرة " الناصرية المكنونة، وقد كانت هذه " الجوهرة " موجودة داخل الناصرية منذ لحظة ميلادها، حيث كانت – بجانب أنها طرحت نفسها كبديل صريح للثورة وبديل مقنع للثورة المضادة – ثورة مضادة  حقيقية، أزالت كل عناصر وقوى الثورة الشعبية بعد انقلابها فى 1952 بالعنف المباشر وبالترويض معا، وكانت واضحة للغاية فى عدائها لأية حركة شعبية  وفى الحقيقة لم يكن تناقض مضمونها مع شكلها كاملا، ولكنها كانت تتحلى بالكثير من الماكياج والرتوش، المصنوعة من مواد مكلفة.

     وحيث أن صعودها ؛ أى الناصرية، كان مترتبا على توازن القوى الاجتماعية سياسيا،  لم يكن إذن يعبر عن قوتها كذات، بل عن محصلة ضعف الآخرين. لذلك أصبح النظام الاجتماعى يسير بمؤخرته، وقد عاد – بسقوط الناصرية – يسير سيرته العادية، أى المنسجمة مع طبيعته الخاصة.

 

ونأتى أخيرًا إلى مغزى الساداتية :

     الساداتية من حيث الجوهر كانت بمثابة صلح بين الطبقة المسيطرة وأداتها من النخبة البيروقراطية، وبنفس القدر كانت صلحا بين مضمون وشكل الأيديولوجيا الرسمية، فالناصرية لم ُتمح من الوجود، بل تم تجاوزها (بالمعنى الهيجلى للكلمة). فقبل 1952، كانت الطبقة المسيطرة تحكم سطة الدولة، أما بعد انقلاب يوليو فقد أصبح رجال الدولة يحكمون المجتمع كله وضمنه الطبقة المسيطرة، ولكن منذ مايو 1971، صار رجال الدولة و أغلب رجال الطبقة المسيطرة شيئا واحداً. فقد زال ذلك التمايز ( غير الكامل مع ذلك ) بين رجل الدولة ورجل الأعمال، وتمت – بلا هوادة – تصفية البونابرتيين لصالح الاوليجاركية الساداتية، وبذلك انتفى كل مبرر لطرح أيديولوجية ثوروية لتغطية النخبة المحافظة الحاكمة . فبعد يوليو 1952 كان من الضرورى أن يقدِّم النظام أيديولوجيا تمثل حلا وسطا بين الثورة والثورة المضادة، أما بعد مايو 1971، فلم يعد هذا الأمر ضروريا، بعد أن نجحت الثورة المضادة فى التخلص من شبح الحركة الشعبية المستقلة والراديكالية.

     وفى الحقيقة لاينفى سقوط الناصرية، أو " صيرورتها " إلى ساداتية، أنها حققت الكثير للطبقة المسيطرة فى المدى البعيد، إذ استطاعت إعادة الجماهير إلى حظيرة النظام الاجتماعى مما كلف حركة الثورة العربية غاليا، رغم ما ألقاه ذلك على عاتق الطبقة المسيطرة من أعباء ثقيلة، إذ تمت التضحية بكتل عديدة من رجال الأعمال والأرستقراطية الزراعية، كما تحققت درجة عالية من الركود الاقتصادى، وتسببت المغامرات الخارجية فى خسائر فادحة أخرى، ولكن مقابل مكسب استراتيجى هائل.

     لقد عبرت الناصرية عن شرخ عميق داخل النظام الاجتماعى : بين الطبقة المسيطرة ونظامها، بين النظام الاجتماعى و النظام السياسى ؛ بين الاقتصاد والسياسة. وقد عبرت الساداتية عن عودة النظام للانسجام مع ذاته، فقد استعادت الثورة المضادة ثوبها الحقيقى بلا خجل، إذ لم تعد بحاجة إلى برقع الفكر الناصرى. إذن انتهت بظهور الساداتية حالة انقسام النظام الاجتماعى على ذاته واغتراب الطبقة المسيطرة عن أداتها البيروقراطية.

     ومع ذلك لا تحمل الاوليجاركية الحاكمة فضيلة الصدق، بل  تمارس الدمججة والكذب ولكن فقط فى الحدود التى يتحرك فيها بالضرورة كل نظام اجتماعى منقسم إلى مراتب.

 

     و فى النهاية لا نستطيع أن نقرر أن النظام المصرى قد تصالح مع نفسه نهائيا ؛ فانقلاب السادات أتى بحكم الأوليجاركية بينما ظل رجال الأعمال غير البيروقراطيين أو من خارج الأوليجاركية خارج السلطة .. و من المنتظر أن يطالبوا بنصيبهم من الكعكة مدعومين بضغوط دولية تتزايد.

 


 

[1]           ارجع إلى :أحمد يوسف القرعى : ثورة 23 يوليو وتصفية الاستعمار فى أفريقيا ( 1952 – 1967) ، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام ، يوليو 1978 ،ص 58 .

[2]           مارست الناصرية هذه السياسة نفسها بعد انقلاب 1952 مباشرة ولكن فى ترابط وثيق مع عملية أكبر ، هى إحكام سيطرة  البيروقراطية على السلطة وقمع رجال الأعمال سياسيا ، واقتصاديا أيضا حين لزم الأمر ، بينما راحت تطبقها منة جديد تدريجيا منذ أواسط الستينات يأساً من سياستها "الاشتراكية" .

[3]           ط . ث. شاكر : المرجع السابق ، ص ص 132 – 133.

 

 

القسم الأول: الانقلاب

الباب الأول : مسارالأوضاع المحلية بعد الحرب العالمية الثانية

الباب الثانى: حكومة الضباط

الباب الثالث : الثورة و الثورة المضادة

القسم الثانى: الناصرية

الباب الأول: الحكم الناصري

الفصل الأول  منطق الحكم

الفصل الثانى تشكُّل الحكم

الفصل الثالث   فلسفة الحكم

الباب الثانىالسياسة الناصرية

الفصل الأول السياسة العامة(1)

الفصل الأول السياسة العامة(2)

الفصل الثانى: السياسة الاقتصادية(1)

الفصل الثانى: السياسة الاقتصادية(2)

الفصل الثانى: السياسة الاقتصادية(3)

الفصل الثالث:التوجه العام للسياسةالناصرية

الباب الثالث: حقيقة الناصرية

القسم الثالث: سقوط الناصرية

الباب الأول انهيار النظام

الباب الثانى انقلاب السادات

الباب الثالث الساداتية و الناصرية

 

للاتصال

 [email protected]

جميع الحقوق محفوظة للمؤلفين ومحظور الاقتباس منها دون الإشارة لمؤلفيها

 بعض المواد المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف و رأى الموقع و تيار اليسار اللاسلطوى

Hosted by www.Geocities.ws

1