التحررية الجماعية      Communism libertarian

الحرية دون مساواة استغلال  المساواة دون حرية استعباد

**********************************

الصفحة الرئيسية

عشوائيات ومعضلات

ترجمات

متنوعات ومختارات

مقالات الراية العربية

مقالات سؤال الهوية

شريف يونس

الفسائل

مقالات إنهيار عبادة الدولة

العلم والأسطورة منهجان للتغيير الاجتماعى

تقدم علمى و تأخر فكرى

الجات ونهب الجنوب

الناصرية فى الثورة المضادة

مواقع أخرى
ENGLISH

مراسلات

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
كتاب الناصرية فى الثورة المضادة

عادل العمرى

الباب الثالث : الثورة و الثورة المضادة

 

الباب الثالث

الثورة و الثورة المضادة

 

 

"ليست الثورة مأدبة ولا كتابة مقال ولا رسم صورة ولا تطريز ثوب، فلا يمكن أن تكون مثل تلك اللباقة والوداعة والرقة أو ذلك الهدوء واللطف والأدب والتسامح وضبط النفس. إن الثورة انتفاضة وعمل عنف تلجأ إليه إحدى الطبقات للإطاحة بطبقة أخرى".

 

ماوتسى تونج

والآن هل يمكن وصف انقلاب يوليو 1952 بأنه ثورة ؟

قدمت الناصرية نفسها للعالم على أتها ثورة اعتبرها البعض حلقة من حلقات الثورة البورجوازية المصرية ، بينما اعتبرها آخرون أنها ثورة  بورجوازية تحولت إلى ثورة اشتراكية ، بينما هى لم تحدد نفسها بشكل قاطع .

من المؤكد أن السلطة السياسية  قد انتقلت فى يوليو 1952 من أيدى الطبقة المسيطرة إلى أيدى بيروقراطية الدولة نفسها. والى هذا الحد لا يمكن الحديث عن ثورة سياسية ، فالنظام الجديد – كما اتضح من التحليل السابق حقق تراجعات ديموقراطية واضحة ، أى أنه لم يقدم نفسه كبديل تقدمى للنظام السابق، بل بالعكس كان ثورة مضادة سياسية من زاويتين : أولهما أنه قد صادر الحريات العامة وحتى حق المواطنة نفسه منذ الأيام الأولى . وثانيهما أنه نقل السلطةالسياسية من  يد الطبقة المسيطرة مباشرة  إلى يد أداتها البيروقراطية. وهو بهذا قد نقل شكل الحكم إلى الوراء .. مقيما ديكتاتورية عسكرية – بيروقراطية . بذلك قامت الثورة المضادة على صعيدين: الصعيد الاجتماعى العام، بتصفية الوجود المستقل سياسيًا للطبقات الأدنى، وعلى صعيد حكم الطبقة المسيطرة، بتصفية نظامها السياسى شبه الليبرالىوإقامة نظام شمولى عسكرى، فبدلاً من حكم رجال السياسة جاء حكم الأحذية الثقيلة.

كذلك توضح إجراءات حكومة الضباط حتى الآن أنهم يتجهون إلى تثبيت سلطتهم بأى ثمن، وأن هذه العملية فى ظل موازين القوى التى صاحبتها لا تتضمن تحقيق تحولات ثورية . فحل المسألة الوطنية حلاً وسطًا، دون ما استناد للشعب، بل بالعكس بعد " ضبطه " ؛ وتوسيع نمط الإنتاج الصغير فى الزراعة دون تصفية علاقات الإنتاج قبل الرأسمالية يشير إلى محدودية أفق الضباط، فلا يمكن لحكومة تصادر المبادرة الشعبية إلى هذا الحد أن تدشن ثورة، بل على الأقل فى حدود النظام السياسى – تدشن ثورة مضادة، لسبب بسيط هو أنها بهذا العمل تقطع الطريق على التحولات الراديكالية التى لابد أن تفرضها مبادرات الجماهير، وتضع نفسها فى موقف المحافظ على النظام القائم. وأن أية إجراءات تتم على هذه الأرضية لا تتجاوز أبدًا حدود الإصلاح داخل النظام.

لقد أطلت الثورة المضادة برأسها مع انقلاب يوليو، ثم امتلكت الساحة منذ إضرابات مارس 1954 الموالية للحكومة العسكرية. وحتى إذا افترضنا أن النظام البونابرتى سوف يسير فى طريق إصلاح النظام الاجتماعى أو تطويره، فان مجرد مصادرة المبادرة الجماهيرية ، فى حد ذاته يزيل الأساس الذى قد يمكَّن حكومة من المغامرين بتطبيق إصلاحات جذرية و يقطع الطريق على إمكانية احداث تغييرات ثورية للنظام الاجتماعى. وفى الحقيقة لا يمكن اعتبار مصادرة مبادرة الجماهير مجرد "هفوة" أو أحد العيوب أو وجه من أوجه النقص لدى فرسان يوليو، بل شيئًا جوهريًا تمامًا ؛ تحديدًا أوليًا لموقف الضباط من النظام الاجتماعى القائم.

ولم يشهد التاريخ ثورات ديكتاتورية من قبل، بل كانت الديكتاتورية تأتى بعد أن تتم التحولات الجذرية، مثال ذلك الثورة الفرنسية والثورة الروسية و الصينية ، وقد كانت الديكتاتورية تأتى دائمًا لا لإنقاذ الثورة بل لتجميدها؛ لمصادرتها لحساب طبقة أو نخبة  محافظة نسبيًا. وفى حالة انقلاب يوليو 1952، لم تأت الحكومة العسكرية لمصادرة ثورة، بل لمنعها أصلاً وهى تختمر. فالثورة  ( ذات الأفق البورجوازى حتما ) لم تبدأ أصلاً، بل ُقمعت فى مهدها، وهى تكوِّن عناصرها و تجمع قواها  . وقد اتبعت الحكومة الناصرية منذ البداية طريق الحل الوسط مع الاستعماريين ومع الطبقات المحافظة وتحاشت أية إجراءات راديكالية، حتى ذات طابع بورجوازى.

هكذا .. جاء النظام العسكرى الجديد كثورة مضادة للنظام السياسى القائم،  دون أن يأتى فى سياق ثورة اجتماعية فعلية، بل سبقها قاطعًا الطريق عليها.

كانت البلاد ابان الأربعينات كما حللنا من قبل فى حالة أزمة محتدمة سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، فالطبقة المسيطرة ممثلة فى كبار ملاك الأراضى ورجال الأعمال كانت بالغة الشراهة. ولم تسع تلك الطبقة إلى إنجاز أية تحويلات ثورية، فالزراعة ظلت تعتمد على نفس الأساليب البدائية التى استخدمت منذ آلاف السنين، ولم تبنى إلا صناعة تعيق نمو نفسها[1] و لم تتجاوز بشكل حاسم الثقافة القديمة غير العقلانية و لم تحقق الديموقراطية . وباختصار كانت تلك الطبقة تعرقل أية تحولات بورجوازية راديكالية حلمت بها الانتلجينسيا اليسارية و الوطنية ككل ، بل كانت الطبقة المذكورة تقود المجتمع على العكس إلى مزيد من الاختلال والى حالة من الأزمة الدائمة والمتفاقمة، ولم تكن مصالحها الخاصة تتوافق أبدًا مع حل هذه الأزمة، لأنها كانت تستفيد منها، ولم تكن تخشاها إلا بقدر ما تخشى السخط الشعبى الذى تنتجه؛ ولذلك كانت تقوم من حين لآخر بتقديم بعض الإصلاحات. وحتى الإصلاحات، كانت قدرة هذه الطبقة على تقديمها تتضاءل باستمرار.

 و على الجانب الآخر ؛ الحركة الوطنية ، لم تنجح منظماتها فى تقديم برنامج راديكالى للإصلاح الاجتماعى و السياسى . فلم تهتم بشىء أكثرمن مسألة الاستعمار ، و بالتالى لم تناضل بشكل فعلى ضد النظام الملكى و لا ضد الملكية العقارية الكبيرة و لا المقرطة الكاملة . و لذلك وجدناها مثلا تخاف من شعار الضباط :"الجمعية التأسيسية " ، متمسكةً بدستور 1923 الملكى ! ، بل وجدنا الإسلاميين يتحالفون مع الملك قبل الانقلاب ثم مع الضباط ضد الجميع بعد الانقلاب ، رافضين الديموقراطية صراحة ً. 

و من الأمور الملفتة للنظر أن الديموقراطية لم تحصل من الحركة الوطنية على اهتمام ملحوظ ؛ ف" الإخوان المسلمين" كانوا ضدها مبدئياً ، و"حزب مصر الفتاة" كان فاشيا فى معظم الوقت . و كان المثقفون عموما يتطلعون إلى " مستبد عادل " لا إلى نظام ديموقراطى . بل ان الجماهير العادية نفسها ملَّت من النظام الحزبى نفسه و لم تكن لها مطالب ديموقراطية ، و لذلك لم تبدى تذمرها من نجاح عبد الناصر ضد نجيب . وقد كان من الممكن لشعارات مارس 1954 أن تعبر عن فكرتنا بشكل مباشر إذا ما ترجمناه إلى كلمات تعبر عن محتواه مباشرًة: عاشت البونابرتية.

 

لقد قارنت  الجماهير بين الإصلاح الزراعى الضيق الأفق وقانون إلغاء الفصل التعسفى، الذى لم يكن قد ُنفِّذ بعد، ورفع الأجور الإسمية وغيرها من الإجراءات الشكلية المماثلة، وبين "الليبرالية". وبينما وقفت المنظمات الوطنية فى صف الأخيرة وهى ترى فيها الحليف "الوطنى الديمقراطى" المنشود، وقف العمال (كان بعضهم مأجورين) ضدها، إذ لم يروا فيها أكثر من طرابيش الباشوات، بينما بدت لهم البزة العسكرية بديلاً مناسبا . ولا يمكن فهم ذلك الحدث إلا فى شروط غياب بديل يقِّدم للشعب أملا أكبر بينما لم تكن الجماهير نفسها تملك إمكانية افراز قيادات أكثر قدرة . لقد لعب كل من ضيق أفق الطبقة المسيطرة و فشل الحركة الوطنية وعلى رأسها الانتلجينسيا وعمال الصناعة الدور الأول فى نجاح الضباط، ثم لعب عمال النقل ومعهم جماهير عفوية وعناصر مأجورة[2] دورًا مباشرًا فى تحقيق هذا النجاح.. فكوْن هذه هى نتيجة سنوات  من النضال الشجاع للجماهير لهو أمر يدل على أن تلك النهاية لم تكن هى النتيجة الملائمة لآمال الحركة الوطنية ،بل كانت محصلة توازن قوتها مع قوة الطبقات المسيطرة.

 وفى يوليو 1952 نجح العسكر فى " فض الاشتباك"  الاجتماعى – السياسى، سائرين بالبلاد فى طريق بدأ بإزالة كافة القوى السياسية و"تأميم" الصراع الطبقى.

 

 

*****************

 


 

[1]           سوف نناقش هذه القضية بالتفصيل فى مقامها.

[2]           ان وجود عناصر مأجورة لا يعنى أن ما حدث فى مارس 1954 هو مجرد مؤامرة ، فمجرد استئجار عدد من المرتزقة لا يكفى لتحقيق نصر على هذه الدرجة من الأهمية إلا إذا كان المناخ السياسى يسمح بذلك. ولنتذكر أن تحرك العناصر المأجورة لم يكن هو كل شىء، فقد تحرك عدد كبير من رجال الجيش أيضًا، الذين شجعتهم المظاهرات المعدة سلفًا على التحرك.

 

القسم الأول: الانقلاب

الباب الأول : مسارالأوضاع المحلية بعد الحرب العالمية الثانية

الباب الثانى: حكومة الضباط

الباب الثالث : الثورة و الثورة المضادة

القسم الثانى: الناصرية

الباب الأول: الحكم الناصري

الفصل الأول  منطق الحكم

الفصل الثانى تشكُّل الحكم

الفصل الثالث   فلسفة الحكم

الباب الثانىالسياسة الناصرية

الفصل الأول السياسة العامة(1)

الفصل الأول السياسة العامة(2)

الفصل الثانى: السياسة الاقتصادية(1)

الفصل الثانى: السياسة الاقتصادية(2)

الفصل الثانى: السياسة الاقتصادية(3)

الفصل الثالث:التوجه العام للسياسةالناصرية

الباب الثالث: حقيقة الناصرية

القسم الثالث: سقوط الناصرية

الباب الأول انهيار النظام

الباب الثانى انقلاب السادات

الباب الثالث الساداتية و الناصرية

 

للاتصال

 [email protected]

جميع الحقوق محفوظة للمؤلفين ومحظور الاقتباس منها دون الإشارة لمؤلفيها

 بعض المواد المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف و رأى الموقع و تيار اليسار اللاسلطوى

Hosted by www.Geocities.ws

1