داء الدرن
تولد المرض Pathogenisis :
كما نعلم فغن الجرثوم المسبب لهذا المرض هو جرثوم العصيات الفطرية الدرنية . وهذا الجرثوم لايستطيع فرز السموم . وفي جسم الإنسان تتكاثر العصيات ببطء شديد وتقع فريسة للالتهام بالخلايا الأكالة والخلايا الملتقمة الكبيرة بواسطة الانزيمات المحللة . وبهذه الطريقة تحملها هذه الخلايا في الدورة الدموية إلى كل أجزاء الجسم . وتستطيع التكاثر داخل هذه الخلايا إلى أعداد هائلة من العصيات , وعندما تموت الخلية تنفجر وتنتشر العصيات في انسجة المريض لتحدث التهابا في هذه الأنسجة أو تدخل خلايا أكالة جديدة .
ويبدأ مرض الدترن عادة بمركب ابتدائي رئيسي نتيجة للألتهاب الأولي للرئتين . ويكون هذا الالتهاب تحت الغشاء البلوري ( بؤرة قون ) والغدد اللمفاوية المحلية . ومن هنا ينتشر التدرن إلى كل انحاء الجسم .
والطرق التي تتم بها عدوى وانتشار المرض هي :
1) استنشاق قسيمات دقيقة داخل الرئة , وكل قسيمة تحمل جرثوما واحدا من جراثيم الدرن , وكل جرثوم يؤدي إلى تكوين بؤرة درنية واحدة ( بؤرة قون ) .
2) القنوات اللمفاوية تحمل العصيات الفطرية الدرنية الى الغدد اللمفاوية المحلية في الحيزوم وإلى أجزاء أخرى في الجسم كالمخ والاغشية السحائية والطحال والكبد والكلي . وهذا يقود إلى حالة التدرن الدخني Milliaty Tuberculosis .
3) وعن طريق الفم يصل الجرثوم إلى الغدد اللمفاوية للجهاز الهضمي وإلى اللوزتين عندما يتناول الشخص لبنا ملوث بالميكروب .
4) الانتشار المباشر للجرثوم إلى الأغشية السحائية والكلى والعظام والمفاصل عن طريق الدورة الدموية .
ومما يجدر ذكره هنا أن التهاب الدرن الابتدائي يكثر عند الأطفال . أما الالتهاب الذي يتبع ذلك فيحدث عند البالغين , وهو الأكثر شيوعا من ناحية إكلينيكية . وعند الشخص البالغ غالبا ماتكون الإصابة قد حدثت منذ زمن الطفولة , ولكنها صارة نشطة الآن وتجنبت وأدت إلى حدوث حالة درنية واضحة ومعدية .
المبحث الوبائي Epidemiology :
يعتبر مرض الدرن أكثر الأمراض المعدية شيوعا في العالم . ويوجد المرض في كل أنحاء المعمورة وخاصة وسط العمال وذوي الدخل المحدود , ومن ثم فله عواقب اقتصادية وخيمة على البلد : 70-80 % من حالات التدرن في العالم نجدها في الاقطار النامية , ويصل عدد الوفيات منها إلى 1-2 مليون نسمة كل سنة . في الأقطار المتقدمة تقل نسبة الوفيات ونسبة العدوى نظرا لوجود طرق وقائية وعلاجية سليمة . ويكثر المرض عند الرجال أكثر من النساء وذلك لاختلاف طبيعة العمل بين الرجل والمراة .
مصادر العدوى
هناك مصدران للعدوى بالدرن :
1) شرب اللبن الملوث بميكروب الدرن والعمل وسط الأبقار .
2) الحالات المعدية في الانسان .
انتشار المرض :
تخرج العصيات الفطرية الدرنية من المريض المعدي في القشع عند السعال وعند الكلام وعند العطس . وتطير الجراثيم في الهواء ثم تستقر على الغبار والتراب . وعن طريق غير مباشر تصل العدوى إلى الأصحاء عندما يستنشقون جزيئات الغبار الملوثة .
العوامل التي تقود لانتشار المرض :
1) الزحام في أماكن السكن وفي المحلات العامة .
2) عدم الإضاءة الكافية في المنازل واماكن العمل .
3) الاتصال اللصيق بشخص مريض معد .
4) الطفولة المبكرة وتقدم العمر .
5) سوء التغذية وادمان الكحول .
6) الأمراض الصدرية الأخرى كالتهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي , إلخ .
7) اضطراب الغدد الصماء كما يحدث في مرض البول السكري .
8) الحمل عند المراة .
9) الاجهاد النفسي والبدني
10) نوع العمل : لوحظ ان التدرن يكثر وسط عمال مناجم الصوان ووسط العاملين في عنابر الدرن والمستشفيات كلاطباء والممرضات وطلاب الطب وهكذا .
اختبار السلين Tuberculin Test :
السلين مادة مشتقة من العصيات الفطرية الدرنية , ويمكن استخدامها لتشخيص مرض السل أو لاختبار مناعة الشخص ضد مرض السل . ونستطيع إجراء الاختبار بطريقتين :
1) طريقة مانتو : يحقن السلين بمحقن داخل الجلد بجرعة تعادل 1-3 وحدات من محلول معاير نقي للجزء البروتيني من العصيات الفطرية الدرنية . وبعد 3 أيام نقيس عرض التورم الذي حدث في مكان الحقن على ذراع المريض . فإذا وصل ذلك إلى 10 مليمترات فأكثر فيكون الاختبار إيجابيا . يحدث هذا التورم نتيجة لتفاعل فرط الحساسية البطيء بين السلين وخلايا جسم الانسان . وعندما يكون الاختبار موجبا فهذا يعني ان الشخص له مناعة خلوية ضد الدرن , ويعني أيضا ان هذا الشخص قد أخذ العدوى بالمرض في فترة سابقة دون أن تظهر أعراض المرض عليه .
2) طريقة هيف : هذه الطريقة ايضا تعتمد على تفاعل فرط الحساسية البطيئ بين السلين ( مستضد ) وبين خلايا الجسم . وهنا يحقن السلين عن طريق بذلات متعددة بواسطة مسدس اللقاح , ثم يقرا التفاعل بعد ثلاثة أيام حسب الدرجات الآتية :
أ- الدرجة الاولي (+) : تظهر 4 نقاط أو اكثر متصلبة .
ب- الدرجة الثانية (++) : يظهر تصلب على الجلد في شكل دائري .
ت- الدرجة الثالثة (+++) : يكون التصلب مربفعا ومسطحا ( شكل هضبة ) .
ث- الدرجة الرابعة (++++) : يكون عرض التصلب والتورم 7 مليمترات فأكثر .
التفاعل في الدرجة الأولى يوضح تفاعلا غير نوعي ولايخص الدرن وحده . اما باقي الدرجات فتدل على نتيجة إيجابية متفاوتة . وتعتبر طريقة هيف أفضل من طريقة مانتو لسرعتها وقبولها في الأوساط العلمية والصحية وتكرارها في مختلف المختبرات بنفس الفاعلية , إلا انها تفتقر إلى المعايرة الصحيحة .
استخدام اختبار السلين :
يستخدم اختبار السلين في الوبائيات على النحو التالي :
1) كدلالة على القضاء على مرض التدرن : وهذا عندما تكون الاختبارات الايجابية في الاطفال تحت سن 14 سنة في منطقة ما أقل من نسبة 1% .
2) كوسيلة لتتبع مصدر العدوى بالسل وسط عائلات الأطفال الذين ظهرت فيهم اختبارات ايجابية .
3) كوسيلة لتأكيد تشخيص المرض من ناحية كلينيكية وسط الأطفال . وأهميته هنا تكون فقط عندما يكون سلبيا .
4) كدلالة على إصابة مبكرة بمرض الدرن وذلك عندما يكون الاختبار شديد الإيجابية ( أكثر من 15 مليمترا ) .
5) للتأكد من نجاح تحصين الشخص ضد الدرن بمصل السل . إذ يجب أن يكون الاختبار موجبا بعد التحصين .
الوقاية من الدرن :
1) التشخيص المبكر للمرض بواسطة الأشعة السينية , والكشف الطبي والتشخيص في المختبر .
2) علاج الحالات الدرنية المعدية .
3) التحصين بلقاح B.C.G. : هذا اللقاح هو الذي يستخدم للوقاية من الدرن . وهو عبارة عن جرثوم درني حي ولكنه عديم النشاط وليس ممرضا . وقد استخدم لاول مرة بواسطة ثلاثة علماء فرنسيين هم : باسيل – كالميت – جورين 1921 م .ويحقن اللقاح في الجلد , ويمنح وقاية بنسبة 80% لمدة عشر سنوات .
4) الوقاية باستخدام الأدوية مثل الأيسونيازد INAH وجرعته هنا 5 ملجم / كلجم وزن الجسم يوميا ولمدة سنة واحدة .
5) العناية بالصحة العامة على النحو التالي :
أ- تجنب السعال والبصق على الأرض في المنزل والمصنع وفي المواصلات العامة . ويجب أن يكون ذلك في المنديل .
ب- الالتزام بأعلى مستويات النظافة وصحة البيئة .
ت- الإضائة الجيدة للمنازل والتهوية الكاملة في الغرف . محاربة كل أسباب سوء التغذية بسترة أو تعقيم اللبن قبل شربه .
ث- التثقيف الصحي وسط المواطنين .