سليمان باشا الباروني
هو
سليمان بن عبد الله بن يحيى الباروني ، وأحد من ألمع قادة الجهاد
الإسلامي في ليبيا أيام الغزو الإيطالي ، وكان له دور كبير في توجيه
سياستها خلال العقد الثاني من العقد العشرين . ولد سليمان الباروني سنة
1287هـ/1870م في مدينة (جادو(من أعمال جبل نفوسة الواقع إلى الجنوب من
مدينة طرابلس الغرب في ليبيا .ن
وعند بلوغه الثامنة عشرة من عمره ، بعثه أبوه إلى تونس حيث تلقى العلوم
العربية والشرعية في جامع الزيتونة على يد كبار علماء زمانه . ولبث في
تونس خمس سنوات ، بعدها ارتحل إلى مصر فدرس في الأزهر ثلاث سنوات ، ثم
غادرها إلى الجزائر ، وبالتحديد إلى منطقة وادي ميزاب ليستكمل علومه على
يد الإمام العلامة محمد بن يوسف اطفيش المعروف بقطب الأُمة
.ا
عاد سليمان الباروني إلى وطنه عام 1898م ، ومن هذا التأريخ بدأت محنته
الشهيرة ، إذ سعى به الوشاة لدى الدولة العثمانية ، فتم تفتيشه في طرابلس
، وأُوقف رهن التحقيق ثم حوكم ، وحكم عليه بالسجن المؤبد ، وهنا ثارت
ثائرة الناس لما عرفوا من إخلاص الباروني وبراءته مما نسب إليه ،
وتسكيناً للخواطر أفرجت المحكمة عنه بكفالة .ا
ولكن المشكلة أُثيرت مرة أُخرى فأُلقي القبض عليه في عام 1900م وحكم عليه
بالسجن خمس سنين، فقضى في السجن عاماً واحداً ثم خرج منه ، وفي عام 1904م
أسس في (يفرن) مدرسة أسماها المدرسة البارونية ، وتولى الإشراف عليها
والده الشيخ عبدالله الباروني ، وأسس بجانب المدرسة مكتبة عامرة بشتى
أنواع المخطوطات والكتب سماها المكتبة البارونية ، ثم قذفت به المقادير
إلى مصر ، حيث أسس عام 1906م مطبعة أسماها (مطبعة الأزهار البارونية)
تطبع شتى كتب التراث ، وفي عام 1908م أصدر جريدته التي أسماها (الأسد
الإسلامي) .ا
وفي عام 1908م أصبح سليمان الباروني نائباً في مجلس المبعوثان بالآستانة
عن ولاية طرابلس الغرب . وعندما غزت إيطاليا ليبيا عام 1911م ، كان
الباروني على رأس المجاهدين المناضلين لصد هذا العدوان الغاشم ، وكانت له
معهم صولات وجولات حتى عام 1916م عندما عينته الدولة العثمانية وآلياً
على طرابلس الغرب ، وفي هذه الفترة تفرغ لتنظيم الجبهة الداخلية ، وحل
المنازعات والمشكلات الداخلية وتنظيم القوات الطرابلسية ، ثم أخذت تلك
الكتائب تشن الغارات النظمة على القوات الإيطالية .ا
وفي عام 1918م تم الإعلان عن الجمهورية الطرابلسية وانتخب أربعة من رجال
البلد أعضاء في مجلس الحكومة هـــم :سليمان الباروني ورمضان السويحلي
وأحمد المريض وعبد النبي بن خير ، كما انتخبوا مجلساً للشورى . وفي عام
1919م وبعد مفاوضات اتفق الطرابلسيون والطليان على (منح الشعب الطرابلسي
دستوراً يخوله مباشرة حقوقه المدنية والسياسية ، ويعطيه الحق في القيام
بجميع واجباته الكبرى مثـل الشعوب المتمدنة) .ا
وفي نفس العام وضع القانون السياسي (الدستور) ، وعين بموجبه أعضاء مجلس
حكومة القطر الطرابلسي وهم ثمانية ، لم يكن من بينهم سليمان الباروني
الذي اعتذر عن الدخول في المجلس ، وما لبث الباروني أن غادر طرابلس إلى
الأستانة في نوفمبر من نفس العام ، ولكن صادف قدومه التغييرات الهائلة في
بنية الخلافة العثمانية من أثر الإنقلاب الكمالي ، فعاد أدراجه إلى
طرابلس .ا
وفي عام 1922م أجبرته السلطات الإيطالية على مغادرة طرابلس فتوجه صوب
الأستانة ، وهناك وجد أن الإنقلاب الكمالي قد أتى على البقية الباقية من
الدول العثمانية . وحاول الباروني السفر إلى بلاد الشام أو مصر ، لكن
السلطات الفرنسية والإنجليزية منعته من ذلك ، فاجتاز رومانيا في طريقه
إلى أوروبا وفي باريس اكتشفت السلطات الفرنسية أمره فمنعته من مغادرة
البلاد ،ولكنه استطاع مغادرتها بحيلة ، وأبحر إلى تونس ولكن السلطات
الفرنسية لم تسمح له بالنزول فيها فرجع إلى مرسيليا .ا
وفي عام 1924م غادر فرنسا بعد شفاعة الشريف حسين له لدى الفرنسيين ،
واستقر به المقام في عمان ، وظل ينتقل بينها وبين العراق حتى وفاته
.عام 1940 م في الهند أثناء رحلة
علاجية
وفي عمان تقلد عدداً من المناصب لدى الإمام محمد بن عبدالله الخليلي إمام
عمان ومارس منهجاً إصلاحياً ، وقدم للبلاد مشاريع وأفكار سبقت
عصرها .ا
*راجع (سليمان الباروني في أطوار حياته ، أبو اليقظان إبراهيم ).ا
---------------------------
إعداد:عبد الله
بن سليمان المفرجي
معهد
العلوم الشرعية بسلطنة عمان
|