عن المديد

 

تقرأ هذه المشاركة على خلفية المشاركة:

http://hewar.khayma.com/showthread.php?s=&threadid=28992&perpage=10&pagenumber=1

 

الأخ الكريم محمد ب.

أشكر لك حسن ظنك بي وأرجو أن أكون عند بعضه.

أما ما تفضلت به عن ندرة المديد فيقول في ذلك د. محمد الطويل بعد أن يستعرض صور المديد:" هذه هي

 صور المديد التي وردت بالفعل في الشعر العربي، ولكن اللافت للنظر أن الباحثين قديما وحديثا، قد وقفوا

من هذا الوزن موقفا إدّا. يتهجّمون عليه ويرمونه بالاضطراب الموسيقي وقلة المنظوم عليه."

ويورد الأقوال التالية لكل منهم

أبو العلاء المعري:"إذا اعترضت الديوان من دواوين الفحول كان أكثر ما فيه طويلا وبسيطا. والمديد

وزن ضعيف لا يوجد في أكثر دواوين الفحول والطبقة الأولى ليس في ديوان أحد منهم مديد، أعني

امرأ القيس والنابغة والأعشى في بعض الروايات.هذا ما يقوله أبو العلاء وبالفعل ليس في ديوان زهير

والنابغة والأعشى شعر على هذا الوزن ولكني وجدت في ديوان امرئ القيس قطعة على المديد عدتها

اثنا عشر بيتا يقول في مطلعها:

ربّ رامٍ من بني ثُعَلٍ ..........مثلجٍ كفّيهِ في قُتَرهْ

 

الدكتور إبراهيم أنيس :" إن المديد وزن قديم جدا هجره الشعراء وأهملوا النظم منه. وذلك أننا لا نكاد

نرى شاعرا قديما قد نظم منه ما يستحق الذكر إلا تلك الأبيات التي تنسب للمهلهل بن أبي ربيعة:

يا لبكرٍ أنشروا لي كليبا ...........يا لبكرٍ أين أين الفرارُ

 

الدكتور محمد عوني عبد الرؤوف:" إننا نجد الشعراء القدامى قد نظموا في أبحر نادرة الاستعمال مثل رائية المهلهل

 في المديد ( يا لبكرٍ ....) ويعود مرة أخرى فيقول: ومن أمثال المديد المضطرب قول عدي بن زيد:

يا لبيني أوقدي النارا ............إن من تهوين قد حارا

رب نارٍ بتّ أرمقها ...........تقضم الهنديّ والغارا

وبها ظبي يؤججها .............عاقد في الخصر زنّارا

وليس هذا الوزن بكثير في الشعر الجاهلي."

ويعقب د. الطويل على هذا قائلا:" ولكن الدكتور لم يبين لنا أين اضطراب هذه الأبيات وما مظاهره."

 

الدتور أمين السيد:" وقد قلّ استعمال هذا البحر قديما وحديثا وعلّل العروضيون هذا بإن فيه ثقلا."

 

ويقول :" وأنا لا أفهم هذا الكلام فما معنى أن فيه ثقلا ..هل موسيقاه مضطربه أو أن بها خللا لا ترتاح

 الأذن لسماعه؟والإجابة قطعا بالنفي واقرأ معي قول الدكتور زكي مبارك أجمع من ترجموا للعباس بن

 الأحنف أن شعره كان أوفى الأشعار حظا من الغناء، وهذا هو المنتظر من حظ شاعر كانت أحاديثه

المنثورة ألوانا من الألحان وله قصيد مخطوط في الغناء لكثرة ما فيه من الصنعه واشتراك المغنين في ألحانه،

 وهو قصيد:

 

نام من أهدى لي الأرقا ........مستريحا زادني قلقا

لو يبيت الناس كلهم ..........بسهادي بيّض الحدقا

كان لي قلبٌ أعيش به ....فاصطلى بالخوف فاحترقا

أنا لم أرزق مودتكم ..............إنما للعبد ما رزقا

 

ولم يكتف الدكتور زكي مبارك بما قاله وهو كثير فعاد يقول: وهذا من الشعر المرقص وهو يشهد

 أن العباس كان مفطورا على الغناء0"

ثم يورد للدكتور أنيس قوله عن المديد:" وفي الحقيقة إن البحر يستحق دراسة خاصة في ضوء بحر الرمل

 فربما أمكن نسبة ما نظم منه إلى بحر الرمل، مع شرح ما فيه من تغيير أو تحوير جعله يباين في الرمل في

تفاعيله فإذا أمكن هذا لم نحتج إلى تسميته بحر المديد وإنما هو الرمل في صورة أخرى"

وأشار إلى ذلك أيضا الدكتور عبد الرحمن السيد فقال:" الرمل والمديد، أتقد أنه يمكن مع شيء من التجوز

 فيما قاله العروضيون القدامى، أن نجعلهما بحرا واحدا فتفاعيل البحرين واحدة، غير أن التفعيلة الثانية من

 المديد دخلهاالحذف." ويقول الدكتور محمد الطويل بعد هذا كله:" والآن لعل القارئ الكريم ينتظر رأيي

...هل المديد صورة من الرمل؟ والجواب كلا وألف كلا " إن الإيقاع مختلف بينهما جدا ومن منا لا يحس

بالفرق بين قول شوقي :
جبل التوباد حيّاك الحيا ...........وسقا الله صبانا ورعا
وقول عمر بن أبي ربيعة:
أيها القائل غير الصوابِ.........أققل النصح وأمسك عتابي

...........
ثم ما الداعي إلى كل هذا؟ "

ويقول الشيخ جلال الحنفي عن بحر المديد :" بحر هادئٌ رهْوٌ ذو رزانة ظاهرة.وبذلك صار أكثر احتشاما

من المنسرح، ومن الغريب أن غير واحد من العروضيين كرهه دونما يدعو إلى الكره، على أن ما نظم على

 وزنه أو جلّه عرفت فيه الجزالة والأناقة، وقلما يرى في المديد ما هو ركيك ممجوج أو ضحل الماء.وورد

لكثير عزة ما اختلط فيه الخفيف والمديد وذلك في قوله:

قصد لفتٍ وهن متسقات.........كالعد ولى اللاحقات التوالي

2 3 2 (33) 2 3 2 ................2 3 2 (32) 2 3 2
ومثل ذلك وقع في شعر لعبد الله بن المعتز
لمن النارُ أوقدت
بالمصلّى ........نار دنيا قبل نار السعير
1 3 2 (3 3 ) 2 3 2 ........2 3 2 (2 3) 2 3 2

أما أصله فيظن أنه من الخفيف ...........ولكن هناك ما يدلّ على أن المديد ذو صلة بالرّمل، ولهذا توهّم

بعض العروضيين فردوه إلى أصل بعينه هو الرمل إذ زعموا أن أصل المديد :
فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن .......... فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن
وهذا هو الرمل ليس غير ...إلا أننا لا نقرّه في تأصيل المديد "

وقول الشيخ هنا أن هذا هو الرمل بعينه يستدعي وقفة
فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن = 2 3 2 2 3 2 3 2 2 3 = 2 3 4 ( 3 2 3 ) 4 3
ووزن الرمل = فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن = 2 3 4 ( 3 4 3 ) 4 3
وليس الوزنان وزنا واحدا والفارق بينهما هو ذات الفارق بين المديد والرمل
في الرمل كل التراكيب الشاملة لوتدين هي (343) أما (323) فيختص بها المديد.

ويستأنف قائلا:" على أن للمديد صلة بالسريع ذات وضوح بارز في معظم أوزانه وتفرعاته:
ومن ذلك ما ينسب إلى المديد الثالث :
إن في الأحداج مقصورة ............وجهها يَهتك ستر الظلام
فهو في السريع
فإن في الأحداج مقصورة .........بوجهها يُهتك ستر الظلام "

وأورد أمثلة كثيرة على ذلك.

وهنا عرض بياني ذو علاقة بما تقدم

                                                                                                        

1

الخفيف

2

3

2

2

2

3

2

3

2

 

 

المديد

2

3

2

 

2

3

2

3

2

 

 

 

2

35~الرمل

2

3

2

2

3

2

2

3

2

 

 

4~المديد

2

3

2

2

3

 

2

3

2

 

 

 

3

السريع

2

2

3

2

2

3

2

3

 

 

 

6~ المديد

 

2

3

2

2

3

2

3

2

 

 

 

4

البسيط

2

2

3

2

3

2

2

3

2

3

 

المديد

 

 

 

2

3

2

2

3

2

3

 

 

5

الطويل

1

2

2

3

2

2

3

1

3

1

2

الكامل

 

2

2

3

2

2

3

1

3

3

 

6

60~المتقارب

1

2

2

3

2

3

2

3

2

 

 

15~البسيط

 

2

2

3

2

3

2

3

 

 

 

 

الصيغة  (رقم~البحر) مرجعها الرابط:

http://www.geocities.com/khashan_kh/23-ala3areedwaladhrob.html

 

عندما نتكلم عن الوزن والتشابه بين بحرين فيه بغرض قياس ما يجوز في أحدهما على الآخر وخاصة في

 العروض والضرب فإنني لاحظت أن أهم أمرين في ذلك هو مدى اتصال تطابقهما. وفي هذا ما يرجح

 قياس المديد على كل من السريع والبسيط على قياسه على كل من الرمل والخفيف.

 

وقياسه على البسيط يرجح عندي على قياسه على السريع لأن السريع تتكرر فيه 4 3 4 3 ولكن البسيط

 والمديد لا يتكرر فيهما النمط 4 3 4 3 ولهذا التكرار كما لاحظت آثار على خصائص معينة للوزن لا مجال

 لها الآن.

 

ولا شك أن البسيط من أسلس البحور وزنا ولكن ذلك على الوزن :

4 3 2 3 4 3 1 3 (31 في العروض و 31 أو 22 في الضرب)

ولكن هناك وزنا آخر يطابق البسيط كما هو في دائرة المختلف. يقول الشيخ جلال حنفي:" ومما اطّرحه

العروضيون من نماذج البسيط ما قال فيه الدماميني أنه شاذ ولا يستحقّ أن يلتفت إليه زمثل له بالبيت التالي:

وبلدةٍ مجهلٍ تجري الرياح بها ...........لواغبا وهي ناءٍ عرضها خاويهْ

والثقل في هذا البيت آت من أن عجزه ينتهي بالضرب 2 3 = فاعلن

 

وقياسا على البسيط أرى أن حديثنا يجري عن نمطين من المديد أحدهما ثقيل ووزنه:

فاعلاتن فاعلن فاعلا.........2 3 2 2 3 2 3

وعليه قول حسان بن ثابت رضي الله عنه:

قد تعفّى بعدنا عازبٌ ...............ما به بادٍ ولا قاربُ

غيّرته الريح تسفي به ..............وهزيمٌ رعده واصبُ

ولقد كانت تكون به ..............طفلةٌ ممكورةٌ كاعبُ

ليس لي منها مواسٍ ولا ...........بدّ مما يجلب الجالب

 

واسمع إلى الأبيات ذاتها بعد هذا التحوير مع التركيز على وقع الوزن لا المعنى:

قد تعفّى بعدنا عزَبُ..............ما به فرسٌ ولا عربُ

غيّرته الريح سافيةً ..............وهزيمٌ رعده وصبُ

ولقد كانت تكون به ..............طفلةٌ ممكورةٌ كعبُ

ليس لي منها مواصلةٌ ...........لا بدّ مما يجلب الجلَب

ألا ترى في هذه الأبيات وقع أبيات الأحنف بن قيس المتقدمة وعذوبتها

وهذا هو المديد ذو الموسيقى العذبة.

 

ويخطر بالبال السؤال (4~المديد)=2 3 4 3 2 3 2..و.. (6~المديد) = 2 3 4 3 2 3

وأولهما كثر قبولا من الأذن، فهل لنا أن نستنتج أن البسيط لو جاء على

4 3 2 3 2 3 2 يكون أكثر تقبلا منه لو جاء على 4 3 2 3 4 3 2 3

البيتان

كلا وباري طوال الهدب والحورِ .........ما قل حبيك من بعد ومن غِير

وما تنسمت من ورد الرياض شذى.........إلا وجدتك فوق الطيب والذفر

4 3 2 3 4 3 1 3

فإن جعلناهما 4 3 2 3 4 3 2 3 صار وزنهما ثقيلا جدا

 

كلا وباري جميل البدر في الأمسيهْ .........ما قل حبّيك مع روعة الأمنيَهْ

وما تنسمت من ورد الرياض الشذى.........إلا وجدتُ الصّدى يأتي كما الأغنيَهْ

4 3 2 3 4 3 2 3

 

أتراه أخف لو قلدنا فيه المديد بإلحاق 2

 

كلا وباري جميل البدر في الأمسياتِ .........ما قل حبّيك مع روعة الأمنيَات

وما تنسمت من ورد الرياض الشذى.........إلا وجدتُ الصّدى يأتي كما الأغنياتِ

4 3 2 3 4 3 2 3 2

لعلّه كذلك.

 

لو اعتبرنا وزن صدر المديد = 2 3 – 4 3  - 2 3 = فاعلن مستفعلن فاعلن

لكان لنا أن نتوقع لكان لنا أن نتوقع عجزا مرفلا(+2) على الوزن التالي بحيث يكون البيت على الوزن

التالي:2 3 4 3 2 3 .........2 3 4 3 2 3 2

الغريب أن أحدا لم يذكر أن للمديد عروضا = 32 ضربه = 2 3 2 مع أنهم ذكروا أن (ه~المديد) عروضه

 32 وضربه 32ه.

ويصبح وزن الأبيات التي تقدمت بعد تحويرها

قد تعفّى بعدنا عازبٌ ...............ما به بادٍ خلا من بلائهْ

غيّرته الريح تسفي به .................وهزيمٌ رعده في سمائه

ولقد كانت تكون به .................طفلةٌ ممكورةٌ من بهائِه

ليس لي منها مواسٍ ولا .........بدّ مما يجلب القومُ من أقربائه

 

وكرياضة عروضيه أنظر لإلى وقع الأبيات كيف يتغير عندما نحورها لتصبح من الخفيف:

قد تعفّى من بعدنا عازبُ ...............ما به بادٍ لا ولا قاربُ

غيّرته الرياح تسفي به ..............وهزيمٌ برعده واصبُ

ولقد أوشكت تكون به ..............طفلةٌ يا لحسنها كاعبُ

ليس لي منها من مواسٍ ولا ...........بدّ مما سيجلب الجالب

 

أدري بأني لجأت إلى القياس في أمر المديد. هل يوجد مقياس أو نمط رياضي معين يمثل قرب الوزن أو بعده

عن الذائقة العربية؟

 

لقد اكتشفت صياغة تؤدي إلى ذلك وهي تنطبق على الكثير من الأوزان ولا تخلو من بعض الثغرات الأمر

 الذي يعني الحاجة إلى المزيد من الاستقصاء. وعندما أقول اكتشفت فذلك يعني أني توصلت إليها باستقراء

 كثير من الأوزان السلسة والثقيلة. ولا يتسع المجال لشرحها هنا.

 

Hosted by www.Geocities.ws

1