سياسة قلب المعاني طوال مائة عام!

بقلم: نصر شمالي

أثناء استقباله قبل أيام لوزير الخارجية الروسية أعلن الخزري المتهوّد المرتزق شارون أن الصهاينة يعانون من الإرهاب الفلسطيني والعربي على مدى المائة عام الماضية وأنهم سيواصلون حربهم ضدّه! فما معنى قوله الغامض الغريب هذا، الذي قلب الوضع رأساً على عقب، فجعل الوافد المعتدي يردّد الشكوى التي ينبغي أن يردّدها المقيم المعتدي عليه؟!

قبل مائة عام كانت الدول الاستعمارية تقتسم في ما بينها العالم أجمع تقريباً، وكانت أهدافها في فلسطين تحديداً قد تبلورت واقتضت وضع الطوائف اليهودية المتعدّدة الجنسيات في مواجهة الأمة العربية على أخطر خطوط التماس في العالم! لقد كانت عملية شيطانية حقاً نجحت إلى حد كبير في تحويل الأنظار عن حقيقة الأهداف الاستعمارية في فلسطين! وعلى الرغم من أن اللعبة لم تنطل على اليهود عموماً إلا أن الذين كشفوها أرغموا بدورهم على الانخراط فيها، فدفعت الطوائف اليهودية (وسوف تدفع في المستقبل) ثمناً باهظاً جداً نتيجة " قبولها" ومن ثم "حماستها" لمشروع الوطن القومي اليهودي المزعوم في فلسطين المغتصبة!

إعلان هرتزل عام 1900 ؟

لقد ارتكب الصيارفة اليهود، وقادة الحركة الصهيونية اليهودية المأجورون، بالتعاون مع الحركة الصهيونية غير اليهودية، أحط الجرائم من أجل تحقيق أهداف الحكومات الاستعمارية، بما في ذلك الإبادة الجماعية ضدّ اليهود! وقبل مائة عام، وهو التاريخ الذي حدّده شارون، لا ندري كيف، كبداية للحرب على الإرهاب (في عام 1900 تحديداً) كان تيودور هرتزل يعلق آماله الكبرى على الحكومة البريطانية بعد أن خذله قيصر ألمانيا والسلطان العثماني، فأعلن خلال انعقاد المؤتمر الصهيوني الرابع في لندن ما يلي:" من هذا المكان ستنطلق الحركة الصهيونية إلى آفاق أبعد وأبعد، فبريطانيا العظمى الحرة، التي لا يغيب بصرها عن البحار السبعة، سوف تفهمنا، وإن المركز الطيب الذي ما يزال يحتله اليهود الإنكليز (في إنكلترا) وتمسكهم الفخور بأصلهم القديم، كل ذلك يجعلهم في نظري الرجال الجديرين بتحقيق الفكرة الصهيونية"! هذا ما أعلنه هرتزل قبل مائة عام، فهل يعني ذلك التصريح الفظيع بداية الحرب على الإرهاب التي يواصل شارون خوضها كما قال؟ هل اغتصاب أوطان الشعوب وتدميرها وتشريدها هو ما قصده شارون بحرب المائة عام ضدّ الإرهاب؟!

قانون بلفور عام 1905 ؟

والحال أن فكرة الوطن القومي اليهودي قوبلت بمعارضة قوية وواسعة من اليهود الإنكليز، دفاعاً عن مصالحهم كإنكليز من جهة واعتراضاً على حلول شعب غريب محل شعب فلسطين من جهة أخرى، غير أن صهيونياً إنكليزياً غير يهودي، هو اللورد آرثر بلفور صاحب الوعد الشهير، كان مصمماً على فكرة الكيان اليهودي في فلسطين، ولذلك أعدّ في وقت سابق للوعد المشؤوم، في عام 1905 وبصفته رئيساً للوزراء، مشروع قانون خاص بالأجانب يحدّ من دخول المهاجرين اليهود إلى بريطانيا ويدفع بهم إلى فلسطين، وناضل شخصياً من أجل تمرير هذا القانون في البرلمان، موضحاً أن لكل بلد الحق في اختيار المهاجرين إليه، وأن مصائب لا شك فيها حلت ببريطانيا نتيجة تدفق المهاجرين اليهود إليها! فهل العام 1905 الذي صدر فيه قانون بلفور ضدّ هجرة اليهود إلى بريطانيا هو بداية المائة عام من الحرب ضدّ الإرهاب التي تحدّث عنها شارون؟!

تصريح بن غوريون عام 1952 ؟

في شهر تموز/ يوليو عام 1952 صرح ديفيد بن غوريون رئيس وزراء الكيان الصهيوني لصحيفة "كمفر" اليهودية النيويوركية بما يلي:" إنني لا أخجل من الاعتراف بأنني لو كنت أملك القوة إضافة إلى الإرادة لانتقيت مجموعة من الشباب (اليهود) الأقوياء والأذكياء والمخلصين لأفكارنا، وأرسلتهم إلى البلدان التي بالغ فيها اليهود بالقناعة الآثمة (يقصد الذين رفضوا الهجرة إلى فلسطين المحتلة) وستكون مهمة هؤلاء الشبان التنكر بصفة أشخاص غير يهود، ورفع شعارات معاداة السامية، وبذلك أستطيع أن أضمن أنه من ناحية تدفق المهاجرين إلى "إسرائيل" من هذه البلدان سوف تكون النتائج أكبر بعشرات آلاف المرات من النتائج التي يحققها آلاف المبعوثين الذين يبشّرون بمواعظ عديمة الجدوى"! وقد كرّر شارون قبل أيام (عام 2004) ما كان يفعله سلفه المجرم بن غوريون، فدعا اليهود الفرنسيين للهجرة إلى فلسطين المحتلة هرباً من موجة معاداة السامية المتصاعدة في فرنسا، وعقب دعوته مباشرة شبّ حريق في أحد المراكز اليهودية الفرنسية، اتهم به العرب على الفور، وسرعان ما كشف البوليس الفرنسي أن الفاعل يهودي صهيوني! فهل هذه هي الحرب التي يخوضها شارون وأسلافه ضدّ الإرهاب منذ مائة عام؟!

أقوال المستوطنين بعد 1973؟

بتاريخ12/6/1974 كتب دان بن عاموس في صحيفة هاعولام هازيه يقول:" توصلت أخيراً إلى أن التجربة الصهيونية أفلست، وأستطيع إثبات ذلك، فهل كان من المفيد والمجدي ترك عدة "غيتوات" لنبني غيتو كبيراً واحداً؟! بعد حرب يوم الغفران أصبحت من كبار المتشائمين، لأن فرص السلام انتهت، فالعرب لن يقبلوا بنا أبداً كرأس جسر غربي، ولذلك، بعد أن ذاقوا حلاوة انتصار جزئي، وبفضل ما يملكونه من القوة الاقتصادية الهائلة، فإنهم لن يستريحوا حتى يتموا تصفيتنا من وسطهم! قد يعقدون اتفاقات معنا، وقد يتعايشون معنا لخمس أو عشر سنوات، وسوف يتعلمون من أخطائهم السابقة، ثم في النهاية يجمعون قواهم كلها لتصفيتنا تصفية أبدية، ولذلك على أي إنسان عاقل التفكير بالهجرة والاندماج في أماكن أخرى، فلماذا يتوجب أن نهتم بأمة يهودية؟ لماذا لا يفكر كل شخص بنفسه؟ إنني شخصياً، لو كنت في سن العشرين أو الثلاثين، لغادرت منذ زمن بعيد، لكني في سن لا تسمح لي ببداية حياة جديدة"!

أمام مثل هذه الأقوال، أية حرب ضدّ الإرهاب يخوضها شارون وأسلافه منذ مائة عام؟! إن هذا الشقي يطلق الكلام على عواهنه، غير آبه لتناقضه الصارخ مع أي قدر من المنطق، مستقوياً بحرب الولايات المتحدة ضدّ العراق التي تخوضها أيضاً تحت عنوان مكافحة الإرهاب، وهي الحرب التي تتناقض بدورها تناقضاً صارخاً مع أبسط مبادئ المنطق الإنساني!

www.snurl.com/375h

 

Hosted by www.Geocities.ws

1