عندما اقترح هتلر مدغشقر وطناً لليهود!

بقلم: نصر شمالي

أعلنت الحركة الصهيونية الحرب ضدّ ألمانيا في الخامس من أيلول/سبتمبر 1939، وجاء ذلك الإعلان على لسان حاييم وايزمان رئيس المؤتمر اليهودي العالمي. بل إن عداء الصهيونية اليهودية لألمانيا كان جلياً وشبه معلن منذ العام 1934، وقد عبّر عن نفسه بالإسهام اليهودي الصهيوني في إحكام المقاطعة الاقتصادية أو الحصار  الاقتصادي ضدّ ألمانيا. وبالطبع جاء ذلك الموقف في نطاق المواقف الإنكليزية والأميركية المتشدّدة في الحيلولة دون نهوض ألمانيا وبلوغها مستوى معيناً من القوة والحضور الدولي، غير أن اليهود الصهاينة كانوا أكثر مباشرة وعلنية في عدائهم. وهكذا انطلق ذلك التراشق المتبادل، المميت، من كلا الجهتين، مسهماً إسهاماً رئيساً في التمهيد للحرب العالمية الثانية. وجدير بالذكر أن أجنحة من الحركة الصهيونية اليهودية كانت، في الوقت نفسه، تقيم أوثق العلاقات مع الفاشية في إيطاليا والنازية في ألمانيا. إنها أجنحة أسلاف الإرهابي شارون وحزب حيروت وعصابة أراغون، التي لعبت دور الاحتياطي الجاهز للعمل في ركاب النازيين والفاشيين في حال ربح هؤلاء تلك الحرب العالمية!

أوامر هتلر بإبادة اليهود!

كان أدولف هتلر، الزعيم الألماني، يقول: يريد اليهود والحلفاء إزالتنا؟ إذاً، هم الذين سوف يزولون عن الأرض! وكان اليهود والحلفاء يقولون من جهتهم أيضاً: يريد هتلر والنازيون وحلفاؤهم إزالتنا؟ ولكنهم هم الذين سوف يزولون! لقد كان صراعاً بين ضواري الاحتكارات تطلق فيه صيحات البغضاء والتعصب والحرب، أما مادته المحترقة فهي الشعوب، بما فيها أيضاً الطوائف اليهودية بمختلف جنسياتها الأوروبية والأميركية!

غير أن الأميركيين والصهاينة اليهود، الذين احتفلوا في السابع والعشرين من الشهر الماضي بذكرى "المحارق اليهودية"، يدأبون على تصوير تلك الحرب العالمية كأنما هي نشبت ضدّ اليهود وحدهم، أو كأن اليهود هم وحدهم ضحاياها، فهم يصرّون على الزعم أن هتلر أمر في عام 1941 بإبادة اليهود، لكن مثل هذا "الأمر" لم يطّلع عليه أحد قط، بل على العكس، هناك تصريحات لهتلر موثقة، وهناك أوامر لجيوشه موثقة، تؤكد خلاف ذلك، ففي 24 تموز/يوليو 1942، وفي دائرة محدودة من الشخصيات، جاء ذكر الحرب التي أعلنها اليهود على لسان حاييم وايزمان، فقال هتلر أنه سوف يغلق بعد الحرب مدنهم، وأحياءهم، الواحدة بعد الأخرى، وحدّد ما قصده حين أضاف: " إذا لم تخل هذه الحثالة من اليهود البلاد وتهاجر الى مدغشقر، أو الى أي وطن قومي يهودي آخر"! أي أن هتلر لم يكن يمانع في استيطانهم فلسطين إذا لم تعجبهم مدغشقر، وهناك من الوثائق ما يؤكد أن حكومته كانت تساهم في ما يساعد على الهجرة اليهودية الى فلسطين، حتى أثناء احتدام المعارك الهائلة في الحرب العالمية الثانية، فكيف يمكن أن يتفق كلام هتلر وتصرفات حكومته مع أية أوامر أعطيت من قبل بإبادة اليهود؟!

ضحايا التيفوس وإبادة الجنس!

في تموز/يوليو عام 1944، في الجبهة الشرقية، حيث كان الجنود الألمان يحاربون بضراوة ضدّ الميليشيات الحزبية اليهودية وغير اليهودية، وضدّ الشيوعيين الروس والأوكرانيين، أصدرت قيادة الجيش الألماني أوامر صارمة تنص على ألا يتعرض الجنود الألمان للمدنيين، واليهود من ضمنهم طبعاً، وإلا قدّموا للمحاكم العسكرية! وبوساطة من واشنطن، وبقيادة ضباط يهود في الجيش الألماني، جرى فك الحصار عن بعض الأحياء اليهودية في بعض بلدان أوروبا الشرقية وتأمين نقل أعداد من اليهود الى الخارج، والى الولايات المتحدة! لقد تم ذلك بمعرفة هتلر! غير أن هذا لا ينفي أن هتلر كان يحرّ ض على الحرب من دون رحمة، مثلما كان يفعل الحلفاء، ويوم تتحرر وسائل الإعلام من طوق المحرّمات الصهيوني الأميركي، ويصبح مسموحاً تخصيص جزء من ألف جزء لمجرمي الحرب من الحلفاء، فسوف يسمع الناس ويشاهدون ما يذهلهم، حيث ستظهر حصة هتلر من الجريمة متعادلة مع حصة تشرشل الإنكليزي وحصة ترومان الأميركي!

إن الحلفاء يشتركون مع الألمان في المسؤولية الثقيلة، فقد نشروا صوراً كثيرة لجثث الموتى في معسكر بيرغن – بيلسن مثلاً، وتلك الأعداد الكبيرة من الموتى لم تكن لضحايا جريمة إبادية بل كانت لضحايا وباء التيفوس، أو لعلها لضحايا جرائم نجمت عن الحرب وبسبب الحرب ووحشية الاحتكار فقط، وبعد دخول الإنكليز الى بيرغن – بيلسن استمر وباء التيفوس في حصد أرواح آلاف المعتقلين، ولم يستطع الإنكليز، مثلهم مثل الالمان، وقف منجل الوباء المرعب، وقد قدّمت جميع صور أولئك الضحايا للرأي العام العالمي باعتبارها وثائق لعمليات إبادة الجنس اليهودي التي ارتكبها الألمان ضدّ اليهود فقط‍!

ستون عاماً من التلفيق والابتزاز!

قبل الحرب العالمية الثانية، كان هتلر قد حاول بنجاح حثّ اليهود على الهجرة، فهو كان يتمنى أن يجدوا لهم وطناً قومياً خارج أوروبا، وقد طرحت مدغشقر كمشروع وطن يهودي ترعاه ألمانيا وتتحمل مسؤوليته، ولم يكن هتلر ليمانع في توجههم الى فلسطين، آملاً أن يكونوا في خدمته بعد انتصاره، وكان يرى لهم أفضلية العمل في استصلاح الأراضي، وفي القطاع المصرفي، ولم يكن تفكيره بشأنهم يختلف عن تفكير نابليون أو تشرشل أو روزفلت، غير أن مجريات الحرب التي سارت في غير صالحه أربكت مشاريعه اليهودية!

واليوم، بعد أكثر من ستين عاماً، مازالت تعرض في القارات الخمس قصص "إبادة الجنس" التي تعرّض لها اليهود في معسكرات الاعتقال الألمانية، وقد تحوّلت هذه الحكاية الى سيف مسلط على رقاب الأمم عموماً والأوروبيين خصوصاً، تلوّح به الذراع الصهيونية الأميركية!

لقد بلغ عدد الأوروبيين الذين هلكوا في الحرب العالمية الثانية حوالي أربعين مليوناً، وربما كان عدد الهالكين بينهم من اليهود حوالي المليون، والأقرب الى الحقيقة، في رأي المؤرخين، هو أن عدد من هلك من اليهود كان بضع مئات من الألوف، من دون إحصاء اليهود الذين قتلوا في صفوف الحلفاء خلال المعارك الحربية، فكيف لا يرفّ للصهاينة والأميركيين جفن وهم يتجاهلون عشرات الملايين من القتلى الأوروبيين، ويقصرون ضحايا الحرب على اليهود وحدهم؟!

في الحقيقة، إن الحكايات المضخمة من جهة والملفقة من جهة، بصدد ضحايا النازية، تحوّلت الى أسلحة ابتزاز سياسي ومالي، فبالأكاذيب ابتزّ الصهاينة أثماناً ضخمة تأتي فلسطين في مقدمتها، حيث قيل أن فلسطين ستكون المأوى للناجين من المحارق النازية! ولكن ماذا عن وعد بلفور عام 1917، ولا نقول ماذا عن وعد كرومويل عام 1649؟!

غير أن الأمم جميعها باتت تتململ تحت وطأة هذا الابتزاز الصهيوني الأميركي، المبني على التلفيق والتزوير، ناهيكم عن أنهم يمارسون ضدّ الشعب الفلسطيني والشعب العراقي عين ما يدينون بسببه النظام النازي، بل إن ما يفعلونه في فلسطين والعراق يفوق أضعافاً مضاعفة ما اتهموا به الألمان!

 www.snurl.com/375h

 

                                                        

Hosted by www.Geocities.ws

1