كيف انحسرت أوروبا واجتاح الأميركيون آسيا؟

بقلم نصر شمالي

قبل نشوب الحرب العالمية الثانية كانت بعض الدوائر القيادية الأميركية قد بدأت تتحدث عن قرب حلول "قرن أميركي" عالمي. فقد صرح والترليجان في عام 1938 بما يلي:

ـ "سوف نشاهد في عصرنا هذا بزوغ فجر يتحقق فيه وجود قوة جديدة مقدر لها أن تخلف روما (يقصد روما القديمة) وبريطانيا. إنني أشير طبعاً إلى الولايات المتحدة الأميركية، وإنه لم الأفضل لها أن تلعب هذا الدور وهي على علم به من أن تساق إليه. ورغم أن العديد من الأميركيين قد يبغضون هذا الدور فإنهم لا يستطيعون أن يرفضوا القيام به، فإن عظمتهم ومكانتهم وقوتهم بين شعوب الأرض تجعل من المحتم عليهم أن يقبلوا ما هو مقّدر لهم"!

لقد بدأ "القرن الأميركي"، وتقدمت خليفة روما القديمة وبريطانيا عبر آسيا، مدشنة عصرها بالقنابل الذرية. لقد كان فجراً ذرياً ذاك الذي بزغ مع نهايات الحرب العالمية الثانية. ففي آب/أغسطس من عام 1945 ألقت الإدارة الأميركية قنابلها الذرية على المدن اليابانية فأزهقت أرواح مئات ألوف البشر بطرفة عين!

أسباب القصف النووي الأمريكي؟

هل كان إرغام الحكومة اليابانية على الاستسلام يستدعي إبادة مئات الألوف من اليابانيين العزّل بالقنابل الذرية؟ وهل كانت القنابل الذرية هي العامل الحاسم في استسلام اليابان؟

لقد كان مجلس حرب الطغم الحاكمة في اليابان، والتي هي من طراز أولئك الذين يحكمون في الولايات المتحدة وبقية الدول الرأسمالية، يناقش بتاريخ 14 آب/ أغسطس 1945 أي قبل خمسة أيام من إلقاء القنبلة الذرية، مسألة الاستسلام أو عدمه، وكان ذلك المجلس منقسماً على نفسه، حيث هناك من يصر على استمرار الحرب، لولا أن حسم الإمبراطور شخصياً الموقف لصالح الاستسلام. وقد كتب هاري كيرن في مجلة "نيوزويك" يقول:

- "إن إلقاء القنبلة الذرية لم يكن ضرورياً. فلم يكن إلقاء القنبلة هو السبب، بأية حال، في استسلام اليابان".

وشرح عدد من الأميركيين منهم بولدوين، كيف أن الولايات المتحدة أضافت إرهاباً جديداً إلى معنى الحرب،فقال:  - "… واصبح الرأي العام الأميركي يميل إلى اعتناق المبدأ الدنيء القائل بأن الغاية تبرر الوسيلة، وهو مبدأ الضرورة العاجلة… وعلى ذلك، فإن استخدام القنبلة الذرية قد كلفنا ثمناً باهظاً، فنحن اليوم موسومون بميسم الوحوش"!

أما الجنرال عمر رادلي، فقد قال في خطاب ألقاه أمام الغرفة التجارية لمدينة بوسطن، في عام 1948 ما يلي:  - "إن الإنسان يتخبط في ظلام روحي، بينما هو يلهو بالأسرار الخطيرة للحياة والموت. لقد امتلك العالم العبقرية الخالية من الحكمة، والقوة التي يعوزها الضمير. إن عالمنا عالم عمالقة نووية وطفولة أخلاقية. إن معرفتنا بالحرب أكبر من معرفتنا بالحياة"!

كيف يصبح العدو صديقا؟

ولكن الولايات المتحدة مضت قدماً في طريق تحويل الباسيفيك إلى بحيرة أميركية، واجتياح آسيا برمتها، وبينما هي مسترسلة في نشر قواتها وبسط نفوذها اعترضتها المعضلة الصينية. لقد كانت الثورة الصينية تسير في اتجاه معاكس لمشاريعها رغم أن واشنطن أنفقت مليارات الدولارات للتحكم بنتائج المعارك، فخسرت الولايات المتحدة آمالها العريضة، بعد أن قضي على الكومنتانج وأقامت القوى الثورية، في عام 1949 حكومة وطنية!  كانت واشنطن تأمل في أن تكون الصين قاعدتها الضخمة الأهم في آسيا، وتتطلع إلى الاستفادة من ثروتها البشرية الهائلة التي تعادل ربع سكان العالم، ولكن نتائج الحرب الأهلية الطويلة جاءت خارج نطاق سيطرة الولايات المتحدة. وعلى أثر ذلك ظهر في السياسة الأميركية اتجاهان: الأول يرى في الهند وإندونيسيا قوتان رئيسيتان يجب الاعتماد عليهما، والثاني يرى في وجود يابان قوية داخل النظام الدفاعي الأميركي مفتاحاً للموقف، وكلا المدرستين راحتا تتذرعان في تبرير اتجاههما بالخطر الشيوعي وضرورة درئه!

كانت وزارة الخارجية تتفق مع وزارة الدفاع حول دور اليابان ضمن أية كتلة معادية للشيوعية، ولكنها لم تكن ترى أن اليابان يجب أن تكون عنصراً أساسياً في حين ترى وزارة الدفاع أن تكون اليابان عنصراً أساسياً، وتنظر إلى اليابان باعتبارها "أكبر صخرة عسكرية ضد الشيوعية في الشرق الأقصى"! أما الخارجية فكانت ترى أن الولايات المتحدة "ستدفع ثمناً باهظاً من أجل تحقيق أمن مزعوم يقوم على أساس أن اليابان هي حجر الزاوية، وستنال مثل هذه السياسة بكل تأكيد من مكانة الولايات المتحدة في الفليبين واستراليا وإندونيسيا والهند. وقد ارتاعت معظم حكومات آسيا فعلاً من أن النظام القديم قد يعود إلى الظهور في اليابان". وهكذا، فقد كانت الخارجية الأميركية تعتبر أن إندونيسيا والهند "أقوى صخرة معادية للشيوعية في الشرق الأقصى". بل أنها رأت أن الهند أكثر أهمية من إندونيسيا. فالهند هي الشريك المنطقي للولايات المتحدة في حالة ما إذا كانت المعونة الاقتصادية والسياسية هي التي "ستهيمن على سياساتنا في الشرق الأقصى"!

كانت اليابان متميزة بمجتمعها المنضبط، البارع فنياً. ولكنها كانت تفتقر تماماً إلى المواد الخام اللازمة لجعلها مصنعاً أميركياً قائماً بذاته. كذلك كانت، من الجهة الأخرى، مثار قلق وحذر بلدان آسيا التي اكتوت بنار الاستعمار الياباني. ولذلك، وبعد انتصار الثورة الصينية، توجهت الأنظار بقوة إلى أماكن أخرى كانت الهند أبرزها.  وقد صرح وليام هولاند، السكرتير العام لجمعية علاقات الباسيفيك في صيف عام 1949 بما يلي:  - "إن تقدم التجارة والاستثمارات الأميركية في الهند يجب أن يكون له دلالة جديدة تماماً في سياساتنا الخارجية… لقد أصبحت الحكومة الأميركية نتيجة انهيار سيطرتنا التاريخية على الصين، في حاجة ماسة إلى العثور على شعب في الشرق الأقصى يتمتع بالاستقرار النسبي والأمن، تجد لها فيه أصدقاء يكنون بعض التقدير لمثلنا الديمقراطية السياسية وللاستثمار الخاص والمساواة أمام القانون. وباستثناء اليابان، التي ليست الآن عنصراً حراً، نجد أن الهند هي الدولة الوحيدة ذات الأهمية في الشرق الأقصى التي يوجد فيها تقليد برلماني، وطبقة حديثة من رجال الأعمال، صغيرة الحجم ولكنها طموحة"!

لقد كتب وأعدّ ما لا يحصى من الدراسات والتحليلات خلال الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية وانتصار الثورة الصينية، واستعرضت طويلاً مزايا كل قطر آسيوي على حدة، من الهند إلى الفليبين، وإندونيسيا، وكوريا، واليابان، ومسحت كافة الجزر صغيرها وكبيرها، ولكن ذلك كله كان يتم، في الواقع، ضمن الخطة الكبرى للسيطرة على آسيا بمجملها، ويتجلى هذا الاتجاه في التصريح التالي الذي أدلى به جون فيربانك عام 1949:

- "لقد ثار طبعاً جدل كبير حول أمور فعلناها وأمور لم نفعلها في الصين. أما الآن فإن هناك اتفاق عام على أن مناقشاتنا العامة يجب أن تتجه إلى المستقبل، ويجب أن تشمل الشرق الأقصى بأكمله ـ الصين وكوريا واليابان والفليبين وجنوب شرق آسيا والهند كذلك ـ ويجب أن تكون سياستنا الجديدة تجاه هذه المناطق الشاسعة سياسة بصيرة بالأمور، فتكون سياسة اقتصادية وسياسية وعسكرية وثقافية وإيديولوجية. لم يفت الوقت على الإطلاق لكي نتبع سياسة بناءة تجاه العملية الثورية الجارية في الصين وفي بقية آسيا. إن حصر ثورة جارفة كتلك التي تجتاح الصين الآن لا يمكن أن يتحقق بمجرد إقامة خطوط دفاعية عسكرية ثابتة ولا بشحن الأسلحة من الخارج، وإنما يتم ذلك فقط عن طريق المنافسة بين الجماعات المتنازعة داخل الدولة( الصين) مما يجعل من الممكن الاستفادة بشكل قوي من مصادر القوة الثورية. ويجب أن تتركز سياستنا الشديدة الفاعلية في آسيا غير الشيوعية. والخطوة الأساسية التي يجب الإقدام عليها هنا هي تعبئة وتكتيل القوة البشرية الأميركية لتزويدنا بالأخصائيين الذين يستطيعون إقامة اتصال مباشر وثيق بالواقع الآسيوي. فالشحنات الأميركية التي ترسل إلى تلك البلاد أقل أهمية من نقل الأميركيين إلى المكان المناسب في آسيا وهم في حالة من الاستعداد والمقدرة تمكنهم من دراسة المشكلات المحلية وتقديم المساعدة للزعماء المحليين"!

لم يكن لدى واشنطن تصور محدد مسبقاً، ولكن كان لديها بالتأكيد اتجاه محدد مسبقاً. لقد كان هدفها الاستراتيجي، التاريخي، النهائي، هو بسط نفوذها تماماً على مجمل المناطق التي تقع ضمن دائرة حوض المحيط الهندي، وإنه لهدف يبلغ من الضخامة والعظمة قدراً لا يسمح بتحقيقه في فترة وجيزة ومن خلال عملية واحدة، وإنما هو يتحقق عبر شبكة واسعة ومعقدة جداً من التغييرات.

حوض المحيط الهندي؟

ويشمل حوض المحيط الهندي، حسب الترتيب الأميركي، كلاً من: جنوب آسيا شمالاً ويطل على الصين والاتحاد السوفيتي السابق. واستراليا والأرخبيل الإندونيسي والملايو شرقاً ويطل على مسرح المحيط الهادي. وأفريقيا الشرقية غرباً ويطل على مسرح المتوسط والأطلسي، والقطب الجنوبي. إنه حوض الثروات الأسطورية عبر كافة العصور، وخاصة في عصرنا هذا.

لقد تطلب تحقيق هذا الهدف التاريخي الضخم أكثر من ربع قرن من الزمن، ابتداء من نهاية الحرب العالمية الثانية، تخللته من الوقائع والأحداث والأهوال ما يفوق في بعض جوانبه كثيراً فظائع الحربين العالميتين، أما من حيث النتائج المأساوية فإنها من النوع الذي يفوق في بشاعته كل ما عرفه الإنسان عبر كافة العصور. ولقد قامت الإمبراطورية الأميركية العالمية أخيراً، مرتكزة إلى هذا الحوض، وبالغة في صعودها تلك الذروة التي لا صعود بعدها، ولا يمكن الاحتفاظ بها بسبب تناقضها كلياً مع مصالح الإنسان في كل مكان، وليس من طريق بعدها سوى الهبوط!

لقد تطلع الأميركيون إلى نمط جديد من الاستعمار أقل تكلفة، وأكثر ديمومة، وأعظم فعالية ومردوداً، يقوم فيه الشعب المنكوب باستعمار نفسه بنفسه، أو بقهر جيرانه، لصالح الولايات المتحدة. لقد نقلت صحيفة "نيويورك هيرالدتريبيون" عن الجنرال وليام روبرتس قائد بعثة التدريب الأميركية في كوريا، بتاريخ 30 أيار/ مايو 1950، هذا الكلام المعبّر:

- "إن بعثة التدريب العسكرية الأميركية في كوريا شاهد حي يبين كيف أن الاستغلال الواعي القوي لخمسمائة من الجنود والضباط الأميركيين قد مكّن من تدريب مائة ألف شخص كوري هم الذين سيقومون بإطلاق النار بدلاً عنكم (بدلاً عن الأميركيين). إن لدافع الضرائب الأميركي جيشاً في كوريا يقوم بدور كلب الحراسة الرائع على الاستثمارات الموضوعة في هذه البلاد. إنه قوة تمثل أقصى حدّ من النتائج بأقل تكاليف ممكنة"!

الحرب في كوريا!

غير أن الحرب الكورية، التي نشبت بعد قليل، أثبتت ضعف جيش كوريا الجنوبية الذي درّبه الأميركيون. فقد انهار قبل أن يبدأ تقدم الكوريين الشماليين الذين لا يزيدون عنه في العدد، والذين احتلوا ثلاثة أرباع الجنوب الكوري خلال شهر. طبعاً، كانت الصين الشعبية هي العمق للشماليين. واضطرت أميركا إلى الاشتراك في الحرب بخيرة مشاتها، الذين وصل عددهم إلى ما يقرب من نصف المليون، بالإضافة إلى القوات الجوية والبحرية. ورغم أن الجنرال ماك أرثر استطاع بهذه القوات التقدم إلى الشمال، إلا أن عشرات الألوف من رجال العصابات أنهكوا مؤخرته، ثم دحره المتطوعون الصينيون إلى الخلف. ووجدت الولايات المتحدة نفسها عاجزة عن تحقيق نصر عسكري، بالرغم من أنها لم تواجه سوى جزء صغير من المحاربين الصينيين الذين كانت تعرقل تحركاتهم المواصلات السيئة، ناهيك عن عتادهم الحربي البسيط. وقد صدرت الأوامر لسلاح الجو الأميركي "بإطلاق النار على أي شيء يتحرك" ومع ذلك فإن سلاح الجو الأميركي لم يأت بنتيجة حاسمة.  إن كل ما استطاعت الإدارة الأميركية أن تفعله هو تحويل كوريا إلى أرض خراب. وقد صرح دونالد كينجلي، رئيس لجنة الإغاثة والتعمير التابعة للأمم المتحدة في 8 آب/ أغسطس 1951، بأنه لم يحدث في التاريخ من قبل تدمير شامل مثل ذلك الذي حدث في كوريا. لقد لقي ما يزيد على عشرة في المائة من أهالي كوريا الشمالية حتفهم. ودمّر 85 في المائة من سيؤول. ولم يبق في إحدى المدن التي كان يسكنها 35 ألف نسمة أي شيء قائم على الأرض على ارتفاع ثلاثة أقدام!

جنود بائسون.. وعاهرات!

وكمثال آخر على الأساليب الأميركية التي اتبعت على طريق إقامة الإمبراطورية الأميركية، اتهمت مسز تاماكي بريمورا، رئيسة جمعية الشابات المسيحيات في اليابان، في خطاب مفتوح بتاريخ 20 نيسان/ أبريل 1952، القوات الأميركية بأنها تعمل على إفساد القيم الخلقية اليابانية، وبعد أن وجهت اللوم إلى الأميركيين بسبب وجود عدد من العاهرات يتراوح بين سبعين وثمانين ألفاً، وانتشار الدعارة إلى حدّ أصبحت عملاً رأسماله 200 مليون دولار، يلي في الأهمية الحرب الكورية مباشرة، أشارت إلى تقرير رسمي ياباني ورد فيه أنه يوجد 200 ألف طفل غير شرعي آباؤهم جنود أميركيون، مما دفع كثيرات من الأمهات إلى احتراف الدعارة!

أما في تركيا، وفي نطاق سياسة جعل الآسيويين يحاربون بعضهم بعضاً لصالح الولايات المتحدة، فقد وافقت الحكومة التركية، في تموز/ يوليو 1950، على إرسال قوة تتألف من 4500 جندي إلى كوريا في مقابل تأييد أميركا لها بالانضمام إلى منظمة حلف شمال الأطلسي. وقد قُبلت تركيا في الحلف كعضو أساسي في شباط/ فبراير 1952، وتقدمت عمليات تسليحها بخطوات سريعة. وصرح الرئيس الأميركي ترومان، في أواسط عام 1951، بما يلي:  - "إنه لأمر بارز حقاً أن تبدي تركيا موافقتها على تخصيص نسبة كبيرة جداً من مصروفاتها الإجمالية لأغراض الدفاع، بالرغم من الحاجة الملحة لإجراء إصلاحات اجتماعية وإحراز تقدم اقتصادي".

حوار أمريكي مذهل!

إن ترومان يبدي تفاؤله وارتياحه لأن الأتراك على استعداد للقتال نيابة عنه من جهة، ولصرف أموالهم على شراء أسلحته من الجهة الثانية. ولقد اعتزمت حكومة دوايت ايزنهاور أن تتجنب الزج بالجنود الأميركيين في القتال على نطاق واسع، واتجهت بقوة إلى إنشاء جيوش آسيوية تقوم بمهام القتال لصالحها ضد بعضها بعضاً، وضد شعوبها بالذات. إن دولاً أخرى وشعوباً أخرى ستقدم وقوداً للمدافع، بينما تعكف الولايات المتحدة على تحسين أسلحتها الذرية، وعلى حصد نتائج الحروب.

ثم إن المشرعين الأميركيين قد اكتشفوا التكلفة الزهيدة للجنود الأجانب قياساً بالجنود الأميركيين. ولقد دار هذا الحوار بين الجنرال الفرد جونتر وأعضاء مجلس الشيوخ، هنري كابوت لودج وبريان ماكماهون وتشارلز توبي، في اجتماع عقدته لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بتاريخ 24 آذار/ مارس 1952:

السناتور لودج: "أود أن أعود مرة أخرى إلى هذا الموضوع الخاص بالقوة البشرية، التي هي قبل كل شيء المنبع الأساسي للأمة. أليس صحيحاً أننا بإنفاقنا ستة مليارات من الدولارات في أوروبا الغربية نحصل تقريباً على العدد نفسه من الرجال الذي نحصل عليه في الولايات المتحدة بإنفاق أكثر من خمسين ملياراً؟".

الجنرال جونتر: "أنا لا أعرف الأرقام، ولكن النسبة تتفق بكل تأكيد مع النسبة بين هذين الرقمين".

السناتور لودج: "إذن، فإننا نحصل، من وجهة نظر الأسعار التي تدفع في القوة البشرية، بغض النظر عن الاعتبارات الإنسانية، في مقابل ستة مليارات من الدولارات على العدد نفسه من الرجال الذين يكلفنا الحصول عليهم في الولايات المتحدة خمسين ملياراً".

الجنرال جونتر: "إنك تعلم أننا كنا في تركيا منذ أسبوعين، وأننا تأثرنا بشكل يبعث الرضى في النفوس، وإلى حد بعيد، بمعدن الأتراك وصفاتهم كجنود محاربين. ولكن أتدري ما الذي يحصل عليه هؤلاء الناس؟ إنهم يحصلون على 21 سنتاً في الشهر. هذا هو راتبهم"!

السناتور مكماهون: "لقد رفعوا رواتبهم"! (لاحظوا نبرة التهكم والاحتقار – ملاحظتنا)

الجنرال جونتر: "ويحصل الفرنسيون على ثمانية سنتات في اليوم، أي 2.4 دولار في الشهر، ويحصل الهولنديون على عشرين سنتاً في اليوم، أي على ما يزيد قليلاً عن ستة دولارات في الشهر. وأنا أتحدث عن هذه النقطة التي تدعم وجهة نظر السناتور لودج. ولكن هذا يلقي عبئاً رهيباً على اقتصاد العائلات التركية. لأن الجندي التركي الذي يحصل على 21 سنتاً في الشهر يتلقى من أسرته نقوداً طوال الوقت. وإذا ما تأملنا في الأرقام المجردة التي تدل على أن نسبة معينة من الإنتاج القومي بأكمله تنفق على شؤون الدفاع في تركيا، فإننا نجد أنها لا تتضمن على الإطلاق المبالغ التي ترسلها العائلات لأبنائها الجنود"!

السناتور توبي: "إنهم في حاجة إلى طاقاتهم الزائدة هذه من أجل حريمهم…"!

هكذا كان تعليق ذلك الصهيوني القذر، المدعو توبي. ولكن، لماذا لم يعلق توبي على الثمانين ألفاً، ذلك الجيش من العاهرات، الذي كان جزءاً من القوات الأميركية المسلحة في اليابان؟!

www.snur1.com/375h

Hosted by www.Geocities.ws

1