أمام أكثر من مليوني مواطن ، وأكثر من ربع سكان الكرة الأرضية أمام شاشات التلفزيون ، ظهر أوباما الأمريكي البروتستانتي ذو الجذور الإفريقية الإسلامية متحدثاً بليغاً ، بكاريزما تخطف قلوب مشاهديه

أمام أكثر من مليوني مواطن ، وأكثر من ربع سكان الكرة الأرضية أمام شاشات التلفزيون ، ظهر أوباما الأمريكي البروتستانتي ذو الجذور الإفريقية الإسلامية متحدثاً بليغاً ، بكاريزما تخطف قلوب مشاهديه. كان حديثه عما بين السطور أكثر مما فوقها إنه وزوجته يقبلون الرئيس السابق ، وفي ذات الوقت يحمل على سياسات الرجل الذي سلمه تركة مهلهلة ، وكرهاً بوزن الهيمالايا لكل ما هو أمريكي .. حتى أن تحالف بعض الأوربيين المنافقين مع السياسات الأمريكية مؤخراً ، نكاد نراه درءاً لبطش ( الصديق الأمريكي) وخوفاً من نيرانه الصديقة.

 

وبمنطق أن عدو عدوي صديقي ، بدأ الخيال العربي يشطح في آفاقٍ بعيدة ، فمنا من حلم أنه مسلم يخفي إسلامه ، رغم أن الرجل كما وثقوا لذلك لم يمارس يوماً عبادات إسلامه ، بل أكد الكثيرون أنه كان إلى الإلحاد أقرب ( آنذاك ). وشرع الآخرون منا يحلمون بأنه ما أن يمسك بتلابيب السلطة فسوف يرسي دعائم العدل ويحجم الصلف الصهيوني ، وأن ما قاله أوباما عن القدس من أنها يجب أن تكون عاصمة موحدة لدولة إسرائيل – ليست إلا دعاية انتخابية.رغم أن خطابه البليغ في حفل تنصيبه لم يشر لغزة ببنت شفة ، وتحدث فقط عن السلام. وطبعاً السلام عن طريق التفاوض بين الثعبان والحمل!

 

وقد استطال الحلم العربي في شطحاته نحو أوباما إلى الدرجة التي فسروا خياراته لأعضاء إدارته والذين جميعهم من غلاة المهووسين بإسرائيل ( الدولة والأيديولوجية ) ، على أنها (خطة تمويه ) منه بل وتخطيط ذكي ، إذ أنه ساعة التصادم مع إسرائيل ، فسوف لن يدعي أحدٌ أنه معاد للسامية ، لماذا؟ لأن معظم حكومته من أصدقاء إسرائيل !

 

وكان تصريح أوباما أول أمس الذي قال فيه أنه اشترط على كل أفراد إدارته بعدم الانخراط في جماعات الضغط ، وأن من سوف يثبت انخراطه أو حتى تعاونه معها يوماً فسوف يفصل من منصبه   كان هذا التصريح بمثابة دليل آخر على سلامة نوايا الرئيس أوباما. وبعد ساعات من تنصيبه اتصل بزعماء الشرق الأوسط بما فيهم إسرائيل ، فانقسم المفسرون مرةً أخرى بين حالم وواقعي .. الحالمون يقولون أنه رجل أعمال ، وأن أحلامنا رأيناها كفلق الصبح وحتماً سوف تتحقق. والواقعيون فسروا اتصاله بعباس على أنها تشي بأنه مجرد نسخة مستحدثة من سلام بوش وكوندي ، وأنه لم يحترم شهداء غزة ولم تفرض عليه أصوله الإفريقية وإرث العبودية أن يصرح بالاعتراف بحق المقاومة الفلسطينية في الدفاع ضد المحتل. وفي هذه النقطة بالذات بدا لنا أن الواقعيون يحلمون بل يحملون الرجل أكثر مما يطيق !

 

ولعلني أتفق على أن الرجل بالفعل يستحق التقدير لكونه يصرح علناً بأن القوة الغاشمة لا تحقق عدلاً ، وأن التسامح والحوار هما وسيلته ، وأعلن عن خطوات لإغلاق سجن جوانتينامو ، وخاطب العالم الإسلامي خطاباً إيجابياً. أما عن رفضه لجماعات الضغط   فأعتقد أنه لا يقصد أو حتى يلمح لمنظمة (إيباك) اليهودية التي تحكم العالم منذ عقود عبر المطية الأمريكية. فهذه المنظمة تحتكر البرلمان بمجلسيه ، بل وتغلغلت في عقل وأحشاء المخابرات ووزارة الدفاع الأمريكيين.

 

نحترم الرجل نعم ، ولكننا نعتقد أن المجتمع الذي نصبه رئيساً له تحكمه أجهزة صهيونية طواعيةً أو قهراً بفعل سطوة إيباك ، ناهيك عن جبروت الآلة الإعلامية الأمريكية التي تتقبل بصدر رحب العداء ضد الخالق عز وجل ، واتهام نبي المسيحية عيسى عليه السلام بأنه ولد سفاحاً ، تتقبل ذلك بدعوى الحرية ، ولكنها لا تقبل ولا تتقبل بأي حالٍ من الأحوال من يتعرض لإسرائيل ( شعب الله المختار ) ولا للهولوكست. كيف يتصدى أوباما لهذه الآلة ؟

 

والأيام القادمة على أية حال ستفك شفرة أوباما ، فقط علينا كجوعى للعدل أن نحاول بالعمل وبعقولنا نحن أن نثبته ونسعى لإقراره سلماً أو حرباً ، وليس بالأحلام تتحقق أماني الشعوب خاصة من تنام بدون غطاء. 

 

Hosted by www.Geocities.ws

يوميات العرابي
أرشيف المقالات
الصحافة المصرية
You need Java to see this applet.
Hosted by www.Geocities.ws

1