يوميات العرابي |
اتصالات الموقع |
المواقع |
إسلاميات |
الشعر |
الصحافة |
البريد |
التكرار لا يعلم
الشطار تحضرني هنا قصة تلك التجربة للعالم الروسي بافلوف
الذي اكتشف قانون (الارتباط الشرطي ) عندما أحضر مجموعة من الفئران في قفص ،
ووضع على مسافة منها قطعة من الجبن
، وكلما اقترب فأر من الجبن ليلتهمه وخزه .. فيصرخ الفأر ، وبعد تكرار هذه العملية
عدة مرات بدأ العالم في إلقاء الجبن للفئران بدون ( لسعهم ) ، وكانت نتيجة التجربة
مثيرة جداً ، حيث أنه في كل مرة يقترب الفأر من الجبن كان يتراجع آلياً وبسرعة دون
أن يأكل من الجبن .. فلقد تعلم الفأر أنه لو أكل منها لتعرض للتعذيب ، أي تكوّن
لديه نوع من الارتباط بين أكل الجبن والعذاب!
فهل يا ترى تكوّن لدينا
نحن أبناء بلدان الأمة الإسلامية ارتباط شرطي تكرر في التاريخ القديم والحديث ،
لمرات ربما أكثر من المرات التي فهم بعدها الفأر من أين يأتيه العذاب ؟ فارتباط
ضعف الأمة إسلامياً وعلمياً بتلقي صنوف المهانة من أعداء الأمة ارتباط وثيق جداً
.. فلم نتعلم من الدروس التي منحنا إياها ربنا جل وعلا .. فلم نتعلم من أُحُد ،
ولا حنين ، ولا من درس انهيار الأندلس ، ولا من درس انهيار المشرق الإسلامي على يد
التتار ، ولا تصدعه على يد الصليبيين ، ثم على يد الانجليز والفرنسيين والطليان ،
ثم على يد اليهود في فلسطين ، ثم على يد الأمريكان ، وما أدراك ما الأمريكان وكانت نهاية
المطاف تلك الهزيمة القيمية والنفسية ، عندما تبنينا النموذج الغربي المسيحي لنمط
حياتنا شكلاً ومأكلاً ، وعادات ، وتقاليد ، ومناسبات ، وبروتوكولات ، دون محاولة
الاستفادة من هذا النموذج علمياً فحسب. فاشترينا الهاتف دون أن نصدع أدمغتنا
بصناعته ، واشترينا المدفع دون أن نرهق أنفسنا بتصنيعه في بلادنا ، وبعد سنوات
طوال لم يتسنَ لنا إلا صناعة رقائق البطاطس المحمرة أو الزبادي ، وأفردنا لها
الإعلانات العديدة على شاشات التلفزيون . وكلما بدأت دولة في تخطي حاجز الزبادي ،
أحس الغرب بالخطر ، ولم تقف بقية الأمة معها ، بل تنافست على إعادتها إلى مرحلة
الأكل من يد الغير .. فهل علمتنا عذاباتنا عدم الاستكانة الحضارية لأعدائنا ؟ أي هل استفدنا من تجاربنا كما استفادت فئران
بافلوف ؟ ثم لم نستفد أيضاً من تجاربنا السابقة
عندما دانت لنا الأرض ، فلم نربط بين قوتنا آنذاك وتآخينا فيما بيننا ، أو أخذنا
بأسباب الإيمان وعوامل القوة الدنيوية معاً ، لم نربط بين هدية الله أن منحنا
العزة على من عدانا ، وارتباط ذلك بالاستسلام التام لعزته وحده .. فبرع أجدادنا
المسلمون في علوم الكتاب كما صنعوا الاسطرلاب ، وارتبطت لديهم البراعة في الدين
بالنبوغ في الطب والهندسة والفلك ..
ومرة أخرى هل استفدنا من تجاربنا كما استفادت فئران بافلوف ؟ إنها دروس مستفادة من حروب معادة ، تعرضت
لها الأمة الإسلامية خلال السنوات الاثنتى عشرة الماضية ، ظلت فيها مقصلة المسيحية
الصهيونية مشرعة على رقاب هذه الأمة . فمن تلك الحروب مثلاً كان يجب أن نفهم عدة
حتميات لا غنى للأمة عنها إذا رغبت في التوقف عن الشخير ، واستيقظت ، ووعت لدروس
فطنت إليها الفئران ! فحتمية عدم
الفصل بين الاسلام والدولة أمرٌ لا مفر منه ، من حيث أننا أمة يعزها الله بالدين
ويذلها بهجره . وحتمية أن نزرع ونصنع ونعمل لا أن يزرع لنا ، ويُصنع لنا ، ويعمل لنا .. حتمية إسلامية . فأنبياء"
الله جميعاً عليهم السلام لم يتفرغوا للعبادة ، فداوود عليه السلام لم يكن يأكل
ولا يلبس إلا من عمل يده ، وموسى عليه السلام استؤجر لدن يعقوب عليه السلام ،
وعيسى عليه السلام عمل نجارا ، ومحمد عليه الصلاة والسلام اشتغل في التجارة ..
وجميعهم عليهم السلام عملوا بالرعي . وحديثاً ثمة
حتمية وأولوية لتطوير سلاحنا الجوي فكل هزائم هذه الأمة عسكريا جاءت من السماء ، ولم
يمنعها كثرة عددنا ، ولا قوة عتادنا .. فمن يركب الهواء يرى ويضرِب ، وهو لا يُرى
ولا يُضرَب . ويرتبط بذلك حتمية الدخول إلى العالم الإلكتروني دون مفر من ذلك ،
فلقد انهار الكم مؤخرا أمام الكيف ، وأصبح في مقدور طائرة أن ( تبهدل ) جيشاً
بأسره . أما عن حتمية الإيجابية
فحدث ولا حرج .. فعلى مستوى الأفراد كل منغمس في شئونه الخاصة ، وكأن الله قد
خلقنا للزواج والإنجاب وملء الفم وحشر المعدة بكل ما لذا ( وخاب ) ، فلم نأمر
بمعروفٍ ولم ننه عن منكر ، لا باليد أو اللسان أو حتى القلب ! وعلى مستوى الدول صدقنا مقولة عدم التدخل
في الشئون الداخلية للدول الأخرى .. فكتمنا أنفاس النصيحة في القلوب ، وأخرسنا
أصوات الحقيقة في الصدور حتى نكون متحضرين مثل أبناء الغرب ( الحلوين )، الذين تتفطر قلوبهم لأنات الحيوان ، ولا
يلتفتون لصرخات بني الإنسان ! فهل نقف وقفة صدقٍ لله مع أنفسنا ؟ أم ( مفيش فايدة"
) ، و( كده حلو وزي الفل ) ، و ( ليس في الإمكان أبدع مما كان ) ، أو ( هو احنا ها
نصلح الكون ) ، أو ( أحيني اليوم وأمتني غدا ) .. أو نكتفي بترديد أغنية العلامة
شعبان عبد الرحيم ( أنا باكره إسرائيل ) .. هل نقف وقفة صدقٍ لله مع كتاب الله وسنة
رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام ، ثم سنته سبحانه وتعالى في الأرض التي أخذ بها
الغرب فألان لهم الله الحديد ؟ أم
أنه قد حان وتوجب علينا أن نبحث عن إجابات لألف ( هل ) حتى لا نقف عن الحياة ويبدل
الله بنا قوماً خير منا ، ونقول آه يا قدس ثم آهٍ يا بغداد ثم أواه يا أي عاصمة إسلامية أخرى سيحين
سلخها بعد ذبحها ، وحتى – لا قدر الله لا يأتي يومٌ نردد فيه قول حافظ إبراهيم : فإما حياةٌ تبعث الميتَ في البلى وتنبت في تلك الرموس رفاتي وإما مـــماتٌ لا قيامــــة بعده ممات لعمري لم يقس بمماتِ |
|