مؤتمر الغم العربي 

 

 


كان من المقرر اليوم أن ينعقد اتحاد الملاك لعمارتنا الآيلة للسقوط .. القصة معروفة ، ولكنها قصة بايخة جداً تعبر عن واقع عائلاتنا العربية المسماة بالأمة العربية ، تلك العائلات التي تركها عائلوها لوحوش البرية ينهشون لحومها على مرأى ومسمع منهم ، ولا يكلفون أنفسهم سوى عناء مصمصة الشفاه !

 

قديماً كان الزعماء يجتمعون ليتفرقوا ، ويتفقون على ألا يتفقوا .. وكان هذا أضعف الإيمان . ولكن أتى يوم كرهوا فيه مجرد الاجتماع .. وشتان بين التعاون والتهاون .. والله المستعان.

 

في تونس التي لم تعد خضراء يبدأ العمل بوصايا البيت الأسود ، وانتهاج قانون الوحوش .. لصاحبه جورج بوش ..   هذه الوصايا التي تدعو إلى نزع ملابس النساء ، والسجود للأعداء ، بدعوى التحضر والتطور . هذه الوصايا التي تدعو الفلاحة إلى المطالبة بحقوق المرأة  وهي لا تعرف الفرق بين الألف و ( كوز الذرة ).. هذه الوصايا التي تدعونا للتصديق بأن شارون رجل لا يعاب ، وأن  الشيخ أحمد ياسين رجل إرهاب .. هذه الوصايا التي تعلمنا أن القدس عبرية ، وأن المطالبة بها رجعية .. هذه الوصايا التي تعلم أمة الديمقراطية .. وعيب على أمة قال فيهم ربهم (( وأمرهم شورى بينهم )) أن يحصلوا عليها من غيرهم .. هذه الوصايا السوداء .. حرام أن تنطلق من تونس التي كانت خضراء!

 

عجيب أن تنشأ مجموعة تسمى ( العرب الجدد ) مثل المجموعة التي أسماها دونالد رمسفيلد : ( أوربا الجديدة ). فمحور تونس الكويت الإمارات موريتانيا قطر ، أصبح محور التجديد والتصعيد والتهديد .. وبقية القافلة أصبحت تعيش زماناً ليس زمانها . فما أتعسنا إذا اقتاد هذه الأمة العظيمة اتحاد الملاك .. ما أتعسنا إذا تحكم في الكثرة العرجاء ، قلة كسيحة .. ها هم الزعماء العرب قد حققوا انتصارهم الوحيد .. انتصروا على أماني وطموحات أمتهم .. وهاهي الأمة قد أصبت مثل بلقيس نزار ، وها هو نزار قباني بعد أن انفض سامرهم يردد من قبره :

سأقولُ في التحقيقِ
كيف غزالتي ماتتْ بسيف أبي لهبْ
كلُّ اللصوص من الخليج إلى المحيطِ
يدمّرونَ ، ويُحرقونَ ، وينهبونَ ، ويرتشونَ
ويعتدونَ على النساءِ ، كما يريدُ أبو لهبْ
كلُّ الكلاب موظفُونَ ، ويأكلونَ ، ويسكرونَ
على حساب أبي لهبْ..
سأقولُ في التحقيقِ ، كيف أميرتي اغتُصبتْ
وكيف تقاسموا فيروزَ عينيها ، وخاتم عُرسها
وأقولُ كيف تخاطفوا الشعرَ الذي يجري
كأنهار الذهبْ
سأقولُ كيف استنزفوا دمها
وكيف استملكوا فمها
فما تركوا به ورداً ، ولا تركوا عنبْ
هل موتُ بلقيسٍ هو النصرُ الوحيدُ
بكلِّ تاريخ العربْ

 

نعم والله يا نزار إن قتل هذه الأمة قد أصبح انتصارهم الوحيد .. لقد استكثروا علينا سيوفنا الخشبية ، فحطموها .. وعادت بيزنطة لسوالفها تطعمنا بالكلمات ، وترضع أطفالنا الحروف والأسماء ، وسلبت منهم الأفعال ، علمونا أن الرفع هو رفع الأفخاذ ، وأن النصب هو كنس خزائن البلاد ، وأن الفتح هو فتح أبواب السجون وتكديسها بالعباد .. أما الجر فرجال الشرطة أولى بشرحه !

 

انفض سامرهم .. وطردوا من تونس التي كانت خضراء ، وعادوا لجنانهم الفيحاء ،  على الأرائك يسفسطون ، عن الانفتاح والإنغلاق ..عن القضاء والقدر .. عن خير أوضاع الجماع .. عن اللحى والشوارب .. عن الحجاب والنقاب .. عن الجن والمسيخ الدجال .. وكأن المتنبي بيننا وهو يقول :

أغاية الدين أن تحفوا شواربكم         يا أمة ضحكت من جهلها الأمم؟

 

فغالى سنتهم في عداء شيعتهم .. وسب شيعتهم خلفاء سنتهم .. وعادى العرب الأكراد ، وباع الأكراد العرب بأبخس الأثمان .. ونسوا أن علياً وعمر في الجنة معاً ، ونسوا أن صلاح الدين كان كردياً ..

 

انفض سامرهم لحشد رجال أمنهم وشرطتهم لتنظيم مباريات الكرة ، وغسل عقول الشباب بستار أكاديمي ، عادوا للحديث عن أزمة الأغنية ، وجمع التبرعات لعلاج الراقصة اللولبية !

 

عادوا ليخططوا لعقد مؤتمرهم في عاصمة أخرى .. فماذا هم فاعلون ؟ هل ستنقسم الجامعة إلى جامعات .. جامعة للمتهورين ، وأخرى للمذعورين ، وثالثة للمنبطحين ، ورابعة لكل ملة ودين ؟ ماذا هم فاعلون؟

وكل منهم ينطبق عليه قول المتنبي :

أيدٍ  مقطــــعةٍ  حوالي  رأسه    وقفا يصيح بها : ألا من يصفعُ

"

 

عادوا إلى شعوبهم التي أصبحت بأفعالهم غثاءً كغثاء السيل .. صدقت يارسول الله :

((عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ قال بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن فقال قائل يا رسول الله وما الوهن قال حب الدنيا وكراهية الموت )).

 

نعم كراهية الموت .. ولكنهم للآن لم يحبوا الدنيا بعد .. فلو أنهم أحبوها لتطوروا مثل شعوب الأرض قاطبةً ..ولو أحبوها لنجحوا في علومهم .. بل لنجحوا في لعبهم ولهوهم .. لو أحبوها ما استوردوا اللبان والمصاصة والشيكولاته ..

 

أغمونا وزادوا من إحباطنا بمؤتمر الغم العربي .. هذا الغم الذي أصبحت جنسيته عربية . فهنيئاً لبوش .. وشارون .. ولا عزاء لمن هانت عليهم نفوسهم .. ومن هان على نفسه .. هان على الناس !

 

 

Hosted by www.Geocities.ws

يوميات العرابي
اتصالات الموقع
الاطلاع على السجل
ما رأيك ؟
أرشيف المقالات
المواقع
مواقع منوعة
مواقع الخدمات
المواقع الشخصية
إسلاميات
المواقع الإسلامية
مناسبات إسلامية
الشعر
من أشعاري
قصائد صارخة
الشعر العربي
الصحافة
En. Press
الصحافة العربية
البريد
بريد المشتركين
لغير المشتركين
You need Java to see this applet.
Hosted by www.Geocities.ws

1