AFGALALY محمد عبد الفتاح جلال

القائمة الرئيسية

 

1-موضوعات عامة

2-أشعارى

3-مختارات شعرية و قصصية

4-مقالات أدبية

5-مقالات تاريخية و سياسية

6-شخصيات

7-إسلاميات

8-عروض الكتب

9-القسم الطبى

10-طب الأسنان

11-مدوناتى الخاصة

 

 

 

 

 

قراءة فى شعر الحماسة العربى بين الحروب الصليبية و الصراع العربى الإسرائيلى

يطيب لى عقد مقارنة بين الحروب الصليبية فى بداية الألفية الماضية، وبين الصراع العربى الإسرائيلى الذى بدأ بمحاولات هيرتزل منذ مائة عام ، مع المؤتمر الأول للصهيونية.

لا شك أن التشابه موجود فى مكان منطقة الصراع،و الدوافع الدينية لكلا العدوين،و المصدر الأوروبى فى كليهما، إلى جانب الآمال المعقودة فى نفوس العرب و المسلمين أن تدور الدائرة على أعدائهم اليهود مثلما حدث للصليبيين بعد فترات من التخاذل، ظهر فى وسطها صلاح الدين كبطل يمثل ذروة النضال ،و انتهت برحيل المغيرين إلى حيث ألقت.

لكننى هاهنا سوف ألقى نظرة بسيطة على الأدب، بالأخص الشعرى منه.أما عن الحروب الصليبية فيعرض لنا الدكتور شوقى ضيف فى كتابه البطولة فى الشعر العربى وهو يتحدث عن الحروب الصليبية أشعار الحماسة والابتهاج بالنصر على الأعداءمن عماد الدين زنكى و ولده نور الدين محمود، ثم يعرض لفتح بيت المقدس بقيادة صلاح الدين فيقول:

"و لعل فتحا لم يظفر من الأدب نثره و شعره، بما ظفر به هذا الفتحمنذ حروب سيف الدولة و المعتصم مع الروم، إذ كان الصليبيون قد استولوا على القدس منذ تسعين سنة و استيئس الناس من عودته، فلما عاد إليهم شعروا شعورا عميقا بأن صلاح الدين و جيشه ردوا إليهم فردوسهم المفقود، و جاءوا من كل حدب إلى صلاح الدين يتغنون بنصره و بلائه و ما فتح الله على يديه و أيدى جيشه فى حطين ثم فى القدس الشريف،وللعماد الأصبهانى سينية رائعة أنشدها صلاح الدين يذكر فيها هذا الفتح الجليل، و فيها يقول:

حططت على حطين قدر ملوكهم                        ولم تبق من أجناس كفرهم جنسا

بواقعة رجت  بها الأرض جيشهم                         دمارا  كما  بست  جبالهم  بسا

بطون ذئاب الأرض صارت قبورهم                    ولم ترض أرض أن تكون لهم رمسا

سبايا  بلاد   الله   مملوءة    بها                      وقد شريت بخسا و قد عرضت نخسا

 يطاف بها الأسواق لا راغب لها                       لكثرتها  كم  كثرة  توجب الوكسا

    كما يذكر الدكتور شوقى ضيف فى الكتاب نفسه قول الحسن الجوينى البغدادى نزيل مصر:

هذى الفتوح  فتوح  الأنبياء و ما                           لها سوى الشكر بالأفعال  أثمان

أضحت ملوك الفرنج الصيد فى يده                      صيدا و ما ضعفوا يوما وما هانوا

تسعون عاما بلاد الله تصرخ و ال                          إسلام   أنصاره  صم  و عميان

للناصر ادخرت هذى الفتوح و ما                        سمت لهم  همم الأملاك مذ كانوا

و أن ذا الفتح فى عصر النبى لقد                                 تنزلت فيه آيات و قرآن

فالله يبقيك للإسلام تحرسه                               من أن يضام و يلفى و هو حيران

 

    ثم استمرت الهدنة التى عقدها صلاح الدين فترة ،عاود بعدها الصليبيون حملاتهم و التى ركزت على مصر لا سيما من دمياط، و التى كان آخرها حملة لويس التاسع الذى أسر ومضى من مصر وحاول الهجوم على تونس لكى يعيد الكرة ،ففشل أيضا، وفى هذا قال الشاعر المصرى ابن مطروح:

قل للفرنسيس إذا جئته                                        مقال صدق من قئول فصيح

آجرك الله على ما جرى                                       من  قتل عباد يسوع المسيح

أتيت مصر تبتغى ملكها                                       تحسب أن الزمر يا طبل ريح

فساقك الحين إلى أدهم                                        ضاق به عن ناظريك الفسيح

و كل أصحابك أودعتهم                                     بحسن تدبيرك  بطن  الضريح

خمسون ألفا لا يرى منهم                                       إلا قتيل  أو أسير  أو جريح

وفقك    الله    لأمثالها                                         لعل  عيسى  منكم  يستريح

إن كان باباكم بذا راضيا                                      فرب غش قد أتى من نصيح

و قل لهم إن أضمروا عودة                                     لأخذ ثأر أو لقصد صحيح

دار ابن لقمان على حالها                                      والقيد باق والطواشى صبيح

     أما حين انزاحت هذه الغمة عن دير الإسلام من بر مصر و الشام، و ذلك بعد فتح عكا على يد السلطان الأشرف خليل بن قلاوون، ابتهج الشعراء من مثل الشهاب محمود الذى يقول:

الحمد لله زالت دولة الصلب                             وعز بالسيف دين المصطفىالعربى

 ما بعد عكا وقد هدت قواعدها                         فى البحر للشرك عند البر من أرب

كانت تخيلها آمالنا فترى                                أن  التفكر  فيها  أعجب  العجب

سوران :بر و بحر حول ساحتها                         دارا و أدناهما  أنأى  من القطب  

ففاجأتها جنود الله يقدمها                                غضبان  لله لا  للملك و النشب

فأصبحت و هى فى البحر ماثلة                         ما بين  مضطرم  نارا و مضطرب

تسنموها فلم يترك تسنمها                              فى ذلك  الأفق برجا  غير منقلب

&&&&&

 

 

فى العصر الحديث ولا شك كان الحزن كبيرا والقصائد عديدة، ربما كانت هناك أفراح و مفاخر مثل ما قيل بعد حرب العاشر من رمضان، لكن حجم الحزن المكتوب فى الكتب هو الغالب،والقصائد الحماسية كانت البداية ثم انقلبت إلى مراثى ننعى بها حالنا تكتلت فى فترة ما بعد هزيمة 1967.لست أدعى أننى قد أحطت بجوانب هذا الانتاج الشعرى، بل أدعى أننى أعرض لبعض أشهر ما قيل حول هذا التاريخ العربى.

بداية نجد قصائد الثورة الفلسطينية عام 1936،على الانتداب الانجليزى والهجرة اليهودية إلى فلسطين ، فنجد مثلاعبد الرحيم محمود يقول فى قصيدته الشهيد:

سأحمل روحى على راحتى                        وألقى بها فى مهاوى الردى

فإما  حياة  تسر  الصديق                          وإما  ممات   يغيظ    العدى

ونفس الشريف لها غايتان                         ورود  المنايا  و نيل   المنى

وما العيش؟لا عشت إن لم أكن                    مخوف الجناب حرام الحمى

إذا قلت أصغى لى العالمون                        و دوى  مقالى  بين  الورى

 

أو كما يقول أبو سلمى فى مصرع ثائر:

بكيتك و الحروف مفجعات                              ثكالى ليس تبدئ أو تعيد

تهاوى عند نفسك كل سجن                        وأقصرعن عطائك من يجود

عذابك أنت كان عذاب شعب                           و  أنك  مثل  أهلينا وقود

جراحك قد أضاءت كل قلب                         كذاك يضئ من دمه الشهيد

و من كلماتك اخضرت صحارى                و من عرق الجبين نمت ورود

فهل لك فى التراب الحر لحد                         فإن  الأهل  ليس لهم لحود

أم انتشرت على السفح الشظايا                      فإن النسر  موطنه الجرود

 

هذه كانت أشعار جيل الثورة الفلسطينية التى عاصرت بداية الصراع، وحفظها الفلسطينيون عن ظهر قلب، ثم ما لبث أن ظهرت التجاوبات العربية مع القضية الفلسطينية مع الحرب العربية لقتال العصابات الصهيونية، ومن أمثلتها قولعلى محمود طه، شاعر الجندول:

أخى جاوز الظالمون المدى                           فحق الجهاد و حق الفدا

أنتركهم يغصبون العروبة                            مجد  الأبوة  و السؤددا

وليسوا بغير صليل السيوف                      يجيبون صوتا لنا أو صدى

فجرد حسامك من غمده                            فليس  له  بعد  أن   يغمدا

ثم ها نحن نجد الشاعر يقول حينما يحدث العدوان الثلاثى فى قصيدة صارت تغنى:

دع سمائى فسمائى محرقة                            دع قنالى فمياهى مغرقة

واحذر الأرض فأرضى صاعقة

هذه أرضى أنا وأبى ضحى هنا                  وأبى قال لن مزقوا أعداءنا

 

ثم حدثت الطامة و نزل الزلزال الذى أحار عقول الشعراء وطير قلوبهم فزعا وتشاؤما،فنجد قصائد ما بعد الهزيمة تحمل اللوم و التقريع للنفس و للحكم، فيقول أمل دنقل فى قصيدة"البكاء بين يدى زرقاء اليمامة"

أيتها العرافة المقدسة

جئت إليك..مثخنا بالطعنات و الدماء

أزحف فى معاطف القتلى، و فوق الجثث المكدسة

منكسر السيف، مغبر الجبين و الأعضاء

 

ويقول أيضا فى قصيدة"تعليق على ما حدث فى مخيم الوحدات":

قلت لكم مرارا

إن الطوابير التى تمر

فى استعراض عيد الفطر و الجلاء

(فتهتف النساء فى النوافذ انبهار)

لا تصنع انتصارا

إن المدافع التى تصطف على الحدود فى الصحارى

لا تطلق النيران.. إلا حين تستدير للوراء

إن الرصاصة التى ندفع فيها..ثمن الكسرة و الدواء

لا تقتل الأعداء

لكنها تقتلنا..إذا رفعنا صوتنا جهارا

تقتلنا،وتقتل الصغارا

 

كما قال نزار قبانى شاعر العشق فى "هوامش على دفتر النكسة"

أنعى لكم يا أصدقائى،اللغة القديمة

و الكتب القديمة

أنعى لكم

كلامنا المثقوب كالأحذية القديمة

و مفردات العهر و الهجاء و الشتيمة

ويقول فى موضع آخر من نفس القصيدة:

لو أن أحدا يمنحنى الأمان

لو كنت أستطيع أن أقابل السلطان

قلت له:

يا سيدى السلطان

كلابك المفترسات مزقت ردائى

ومخبروك دائما ورائى

عيونهم ورائى

أنوفهم ورائى

أقدامهم ورائى

يستجوبون زوجتى

و يكتبون عندهم أسماء أصدقائى

يا حضرة السلطان

لأننى اقتربت من أسوارك الصماء

لأننى حاولت أن أكشف عن حزنىو عن بلائى

ضربت بالحذاء

أرغمنى جندك أن آكل حذائى

وحين جاء العبور عبر الشعراء العرب الجسرمرة واحدة، كانوا أشبه بالكسيح الذى لن يعافى يتحول فى ليلة إلى بطل فى الجرى،فنجد مثلا فاروق شوشة يتغنى باليوم السابع قائلا:

اليوم السابع جاء

سقطت أحلام المخمورين المزهوين

قذفت ببقايا الوهم الجاثم فى سيناء

-الوهم ابتلعته الصحراء-

أنبتت الأرض الطيبة المخضوبة

وردا يسقيه دم البطال

وحنين التواقين ليومالثأر

جاءوا كالسيل الجارف، كالزلزال

 

وأختتم هذه القراءة بين الأشعار بما قاله شفيق الكمالى ،العراقىفى "العبور":

عمرو بن العاص..ترف عباءته فوق النيل

عاد الغائب للأهل

عدنا

عادت أيامك يا ذى قار

وهدير

أطرب سمع الليل

عدنا

صرخات الجند

زئير دروع صدأت زمنا

يا سيناء انتفضى

يا سينلء التيه

الرمل الحارق

أشلاء رفاق الأمس

اخضرت

أعشب صدر الأرض دروعا

تطحن غول العار

عدنا

عاد الفارس للساحات.

&&&&&

 

ونهاية،

ما تزال الأذهان الخصبة حبلى بمعان للشعر، تتوالى بين الأزمان و حتى يفنى الكون،تعلن عن مكنون النفس المتشوقة لكل معانى النبل، و شجاعة عنترة الفارس منذ الحرب الأولى ،وحبيبة عنترة العبسى تناجيه ليصبح بطلا ،يحمى عبسا،بل و العرب جميعا.

وما يزال الشعر مستمرا.


 
القائمة الرئيسية

Copyright or other proprietary statement goes here.

For problems or questions regarding this web contact [[email protected]].
Last updated: 07/01/06.

Hosted by www.Geocities.ws

1